محمود النمر الفن المعماري هو احد الفنون، الذي يؤثث جمالية الجسد المديني في تكوين الذائقة الابداعية في الثقافة الانسانية ،وبعدما اكتملت ادوات الثقافة  من النواحي التكونية في الشعر والرواية والقصة  والسينما والتشكيل والفنون الاخرى،اخذت تتكون عناصر جمالية اخرى منها فن العمارة،
ومن وجهة نظري ان العمارة " فن الفضاءات الناطقة " وهي قلب المعادلة الفيزياوية من ثوابت انشائية خرسانية الى فضاءات مفتوحة تمنح المشهد المعماري فسحة التواصل في النظر وايصاله الى مناطق غير مطروقة من ناحية الشكل والتصميم  والهيكلية، وتتصل بالتكوين الهندسي الدقيق من سنتمترات متصلبة محسوبة الى تشكلات هرمية او غير ذلك، وتعطي لغة  جمالية مشتركة  لها قدرة على التواصل مع الفنون الاخرى. وكتاب" عمارة  ومعماريون " للمعماري المبدع د. خالد السلطاني،يعلق اسئلة في فضاءات البناء المعماري ،فهو يشكل هذا الفضاء بالخيال البنائي الهندسي ، كما يشكل الشاعر الفضاء بالخيال الشعري الهندسي ،المعمار بهندسة  خيال اللغة الخرسانية ،والشاعر بهندسة الخيال الشعري اللغوية،" فن الخرسانة الناطقة " و " الكلمات المفضية الى هندسة الشعور"اذن هما المعمار الشاعر... والشاعر المعمار،يلتقيان في صفة الخيال الذي يقودهما الى الجمال الابداعي، وهو الجمال الهندسي الشعري ... والجمال الشعري الهندسي.يقول  الدكتور خالد السلطاني في مقدمة الكتاب : "ماهو الشيء الذي يجعل العمارة عمارة ؟!"لايمكن الركون لجواب شاف واف عن مفهوم العمارة،اذ ظل هذا المصطلح متحولا ًومتغيرا ً،طبقا لنوعية الثقافة وخصوصيتها التي تنتج مفاهيمها الخاصة  عن مختلف طبيعة الاجناس الابداعية، بضمنها،طبعا،المنجز  المعماري.فالعمارة لدى البرتي (1404- 1472)L.B. ALBARTI وهو  احد اعلام ومعماريي عصر النهضة – هي  الزخرف او التزيين،في حين يحددها   "لو كوربوزيه"(1887-1965)  LE  CORBUSIERوهو كما معلوم،احد اهم معماريي القرن العشرين بانها  ،الفضاء المحصور، مشددا على كلمة الفضاء".ظاهرة العمارة هي ناتج امتزاج "العلم والفن " وهنا يضع السلطاني اشتراطات جديدة في الفن  المعماري،ويمزج من جديد مفهوماً آخر مهماً لانه مرتبط  بهذا الفن الهندسي ارتباطا كليا ،وهو عنصر العلم صاحب التكوينات الفيزيائية في الفن البنائي ،وهنا تتكون ثلاثة اشتراطات في عملية الهندسة – العلم – العمارة – الفن – هذه العناصر تبلغ الذروة اذا كانت هناك ملكة تستمكن من قدراتها الفنية الى رسم هيكلية جمالية تأخذ حيزا كبيرا متميزا في تكوين صرحا جماليا ذا معنى دلالي يؤدي الى استكشاف عوالم لم يصلها العلم وحده الا بمصاحبة تلكما العنصرين الاساسيين في عملية بناء الصرح المطلوب الذي تتمثل به المدينية والمدنية ،ورسم خارطة اخرى في  مجال الهندسة المعمارية تتمثل بها تشكلات جديدة محسوبة في مجال  العلم والعمارة والفن ويمكن ان نطلق عليها كما يقول د.خالد السلطاني "النص المعماري " ،اذن هما نصان،الاول يؤثث جسد المدينة، والثاني يؤثث الروح داخل الجسد .ان المعيار الجمالي في الهندسة المعمارية يعتمد بالشكل الرئيسي على  درجة الوعي لدى المعمار من خلال الارث التاريخي في نفس المبدع المعماري ومن خلال تراكمات بيئية في تكوينات شخصية المبدع او المهندس.ان الانسان ببديهياته الفطرية يؤثر ويتأثر من خلال ما يدور من حوله، من ابنية وشوارع وحدائق ومزارع  وحتى المناخ يؤثر في صقل الموهبة الحسية والطبيعة الجغرافية المحيطة به، وهذه هي المكملات والمؤثرات التي يستلهم منها هندسته المستقبلية في رسم محيطات المدن الخرسانية وإيضاح خريطة الشوارع والمباني ،لذلك ان الطفل  الايطالي عندما يشاهد آثار روما من خلال ذهابه وايابه الى المدرسة، هو يرى يوميا ،المباني الاثارية والتماثيل  المحيطة به ،في الساحات العامة او المباني والحصون للمدن الاثرية وغيرها من تلك الابنية الحديثة ،فهو يرى الازمنة الماضية وبكل مواصفاتها الرمزية وشواهدها التاريخية ثم ترتبط لدية الدهشة بالمدنية من خلال تلك البنى الشاهقة واستحدثاتها الهندسية ،وكذلك الطفل الامريكي او الروسي وغيرهما من الدول المتقدمة التي ارتقت بالعمران بشكل ملفت  للنظر .هذا الارث العمراني  يدفع الانسان  المبدع واسع  الخيال الى كتابة الشعر بالهندسة العمرانية ان صح التعبير،وهي قدرة للتعبير عن الذاتوية التي تحمل جميع الترسبات التي تراكمت عبر عقود من الزمن . ان خالد السلطاني في كتابه "عمارة ومعماريون " يحاول ان يبسط رؤياه على بعض النماذج الهندسية التي اكدت حظوتها في هذا الفن،ونحن في هذا المجال لاننسى ان الفن المعماري العراقي والعربي والاسلامي قد شكل جوانب مهمة في هذا التاريخ الفني،بالاضافة الى فن الحضارات ال