TOP

جريدة المدى > عام > المكتبات ودور الثقافة العصرية والمفاضلة بين الكتاب الشباب والكبار

المكتبات ودور الثقافة العصرية والمفاضلة بين الكتاب الشباب والكبار

نشر في: 29 سبتمبر, 2018: 05:30 م

زينب المشاط

" لم يوافق الشاعر على طلبي لاستضافته في مكتبتي، بحجة إنها بيت ثقافي ومكتبة غير معروفة، في الواقع إنه لم يحترم أن هنالك الكثير من قُرّائه ومُتابعيه يرغبون بحضور جلسته، ومناقشة مادته الأدبية وقد تعامل معي بشيء من التعالي." أخبرتني ريم وهي صاحبة مكتبة "آنكي" التي إفتتحتها مؤخراً كمقهى ومكتبة يرتادها من يرغب بمكان هادئ وبعيداً عن الضجيج للقراءة وإحتساء مشروب ما...

ذكرت ريم وهي مُستاءة أن " الكثير من الكُتاب الكبار والذين لهم تأريخ طويل ومهم لا يرغبون بتلبية دعوة أي دار ثقافي أو مقهى ثقافي أو مكتبة جديدة ترغب باستضافتهم لتوقيع كتاب أو إقامة ندوة لهم، فهم يجدون أن تأريخهم العظيم لا يتناسب وجيل الشباب وهو مُركز ومنذور فقط لتلك المقاهي أو المكاتب أو الدور التي أُنشئت منذ سنوات طويلة والتي تناظرهم عُمراً أدبياً، مُتغاضين عن أنهم يجب أن يستمروا بالتواصل مع الأجيال الجديدة من الجمهور والقٌراء ويجب أن يتعاملوا مع هذا التنوع الفكري بشكل طبيعي، دون أن ينعزلوا أو يخصصوا ذاتهم لمكان واحد فحسب."
الفجوة بين جيلين لم تعدّ محددة ضمن صراع المجال ذاته، كأن يُحاول كاتب كبير تهميش كُتاب شباب ظهروا مؤخراً، أو يحاول فنان ذو تأريخ عظيم إلغاء عطاءات فنان شاب وما الى ذلك، الفجوة باتت تتسع حتى طالت المؤسسات الثقافية الخاصة التي باتت تفتتح مؤخراً والتابعة لفئات شبابية تدعو للثقافة وتعمل على مدّ الجسور بين الأجيال السابقة والحالية من خلال استضافة كاتب ذي تأريخ كبير أو فنان له عطاءاته التي تمتد الى عشرات السنوات، مع أجيال من الشباب القُراء أو المشاهدين والذين بإمكانهم الإفادة مما سيقدم لهم في هذه الجلسات والندوات، إلا أن ما يُفاجئ أصحاب هذه الدور الثقافية إنهم يواجهون برفض وعدم قبول دعوة بعض من المشاهير الكبار...
علي الموسوي صاحب مجموعة مكتبات Iraqi booksh وهو الذي إنطلق كمكتبة متنقلة، ثم أصبح الآن من أهم دور الثقافة والتي أقامت العديد من الجلسات والندوات الثقافية المهمة، وهم الآن يشكلون فئة كبيرة ومهمة من الشباب الذين يتواصلون مع الأوساط الثقافية كافة ويقدمون نتاجاتها الأدبية للقراء من خلال إقامة ندوات نقاشية واستضافة شخصيات من الكتاب والأدباء، يذكر علي قائلاً " حين انطلقت بمشروعي الأدبي والثقافي وفي وقت لم أكن معروفاً فيه واجهت الكثير من الرفض لدعوتي لبعض الكتاب الكبار والذين كانوا يترددون من الحضور لجلسة في مؤسسة غير معروفة او مستجدة على الوسط الثقافي والادبي لعدة اسباب." يذكر الموسوي أن من تلك الأسباب " هو ظهور بعض المؤسسات السياسية التي تحاول استقطاب شخصيات ادبية من خلال أقامة ندوات لهم، وهنا سيرفق الكاتب أو الأديب بكل تأكيد لأنه يخشى على اسمه من أن يرتبط بقبوله لدعوة تلك الجهة، وهذا بالطبع أمر مشروع عند ظهور جهة جديدة يصعب جداً منحها الثقة من قبل الادباء الكبار أصحاب التأريخ الكبير." كما يشير الموسوي " بالطبع لا يمكن أن ننكر أن بعض هؤلاء الكتاب يرفضون دعوة دور ثقافية شبابية أو مكتبات شبابية بسبب حالة من التعالي أيضاً، ولكن بالنسبة لي بعد أن أصبحت مجموعتي منذ أشهر في المكتبات ودور الثقافة بدأت ألاقي قبولاً واضحاً وكبيراً وترحيباً ايضا من قبل الكتاب والأدباء الكبار فحين أدعوهم سرعان ما يلبوا دعوتي."
ويؤكد الموسوي " أنا كمكتبة ثقافية ودار ثقافية أعمل على التركيز أيضاً على فئات الشباب، فأنا استضيف كتّاباً كباراً ليضيفوا الى مكتبتي من خلال منجزهم واسمهم الكبير، وأعمل على تقديمهم والترويج للكتاب الشباب والذين يظهرون في الوقت الحالي خاصة في حال قرأت منجزهم ووجدته يستحق أن يناقش وأن يُقام له حفل أو ندوة حوارية ذلك إننا يجب أن نؤكد ونسلط الضوء على المنجز الشبابي لما فيه من أهمية، وخاصة إن جيل الشباب من الكتاب والأدباء هم من سيقودوا على المجال مستقبلاً، إضافة الى إننا نحاول مدّ جسور من التواصل بين مثقفي الأمس ومثقفي اليوم وهذا أمر صحي جداً للبيئة الثقافية فهو يساعد الشباب على الإفادة من التجارب السابقة كما يمنح الكبار فرصة إيصال رسالتهم للاجيال التي تجيء بعدهم."
الكتاب الكبار لا يتقصدوا التعالي من رفضهم بعض الدعوات التي تُقدمها دور الثقافة او المكتبات التي باتت تظهر مؤخراً والتي تدعم الطاقات الشابة وتعمل على الافادة من الاجيال السابقة، ولكن جيل اليوم يجد إن الطريقة التي يتواصل بها الجيل السابق معه طريقة قديمة لم تعد تجتذبه، ليان القدسي صاحبة مجموعة مكتبات درج تتحدث عن تجربتها قائلة " اعتقد ان الكتاب الكبار من الصعب الوصول اليهم لتقديم جلسات، واجد إن طريقتهم باتت قديمة في التحاور مع الجيل الجديد وهذا قد يخلق شيء من البعد بين الجيلين، كما أجد ان للكاتب الشاب القدرة الاكبر للتحاور مع الجمهور من الشباب لأنه يفهم هذا كيف يفكر هذا الجمهور يعرف كيف يتواصل مع اسلوب تفكيره وهذه نقطة مهمة جداً يجب ان تتوفر في حال اقامة ندوة او جلسة حوارية نعمل من خلالها على ايصال رسالة ثقافية ما."
وتشير القدسي قائلة " حين اقمت فكرة مجموعة مكتبات درج كنت في الواقع استهدف الشخصيات الشبابية التي انشغلت بالسوشال ميديا متناسية اهمية الكتاب والقراءة، واعمل على اقامة جلسات لكتاب شباب او شخصيات شبابية لها قراءات مهمة للكتب وذلك لخلق حافز داخل الشباب الذين ابتعدوا عن القراءة، ليتسائلوا ما فرقهم عن هؤلاء الكتاب والقراء الذين يقفون امامهم على المنصة ويديروا جلسات ثقافية مهمة، ولهم اسمهم في مجال الادب والثقافة والكتاب وهذا بدوره سيحفزهم على القراءة والاطلاع كمحاولة للوصول الى ذات مستوى الشباب الاخرين."
من جهة اخرى تجد بعض المؤسسات والدور الثقافية والمكتبات ان دور الجيل السابق من الكتاب مهم جداً ويستوجب التواصل معه والافادة منه فالمهمة لا تتم دون هذا التواصل، حيث يذكر احمد الراضي صاحب دار معنى للثقافة والتي انشأت مؤخراً ان "الدور الاساسي في بناء المجتمع هو للشباب لذلك كدعم ثقافي للشباب يجب الاهتمام بهم وانا اركز على ان يكون نسبة رواد الدار الشباب هم النسبة الاكبر، ولكن دور كبار السن ضروري واساسي لمد الشباب بالخبرة والمعرفة والافادة من تجاربهم السابقة."
القراء ورواد دور الثقافة الكبار في السن هم النسبة الغالبة ذلك ان لهم باع كبير في القراءة لكن الراضي يذكر اننا " حالياً نركز ايضا على فئة قراء الشباب والتي اصبحت لا بأس بها وهي تحتاج الى دعم ومتابعة لاستيعاب كيفية التعامل مع الكتاب وهذا ما سيعمل عليه دار معنى من خلال ندوات اسبوعية لتوعيتهم بما هي الكتب التي يجب الاهتمام بها ومتابعتها."
ويصرّ الراضي على ان تكون الجلسات الثقافية مزيج بين فئة الكبار والشباب قائلا ان "وجود الفئات الكبيرة من الكتاب والقراء خلال الندوات والجلسات شيء اساسي كونهم ركيزة اساسية وعمق للنتاج الثقافي ولا يمكن التخلي عنهم لان استفادة الشباب من الكبار هي اهم من تهميش طرف على حساب اخر، كما اركز ايضا على اهمية استضافة الشباب حيث يجب ان نركز عليهم لتمكينهم ودعمهم في المجتمع، فالكاتب الشاب يحتاج الى فسحة من المجال الثقافي ليبرز ما لديه من طاقات كما يحتاج الى دعم لمسيرته الادبية من خلال التمرين والتدريب لهذا ركزنا على اقامة ورش لتمكين الكتاب الشباب ثقافيا ومعرفيا."
ولا يجد الراضي ان للكتاب الكبار بالسن اي من مظاهر التمسك بدور الثقافة القديمة والمكتبات ويذكر قائلا " حين افتتحت دار معنى لحظت وجود دعم كبير من الكتاب والادباء والمثقفين كبار السن وذلك لانهم بطبيعة الحال داعمين لاي مشروع جديد من شأنه تطوير الثقافة والادب."

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram