TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الأحد : وداع هايدن

موسيقى الأحد : وداع هايدن

نشر في: 29 سبتمبر, 2018: 05:29 م

ثائر صالح

سيمفونية الوداع هي واحدة من أعمال النمساوي فرانس يوزف هايدن (1732-1809) الجميلة. ترتبط هذه السمفونية بقصة حقيقية حصلت أثناء عمل هايدن في بلاط الأمير ميكلوش (نيكولاوس) أسترهازي، ألفها سنة 1772. اعتاد الأمير قضاء فصل الصيف في أسترهازا (وهي قرية تقع في غربي المجر)، حيث بنى أمراء استرهازي قصراً بديعاً متأثرين بقصر فرساي الذي بناه لويس الرابع عشر، وبنى ميكلوش أسترهازي دار أوبرا في حديقة القصر الكبيرة. وخلال الصيف تنتقل الحاشية ومعهم هايدن وفرقته الى قصر أسترهازا، حيث يقضي النبلاء وقتهم يتمتعون بالموسيقى والفنون والولائم. ألا أن مكوثهم هناك طال أكثر من المعتاد في تلك السنة، بعيدين عن عوائلهم التي تقطن في مدينة كِشمارتون (آيزنشتات، في النمسا) حيث يقع القصر الشتوي للأمير. وقد عرف عن هايدن اهتمامه بفرقته والدفاع عن مصالح أعضائها، وقد أسموه بابا هايدن لهذا السبب. وبعد أن اشتكى أعضاء الفرقة الأمر لهايدن، خطرت في باله فكرة إيصال رسالة غير مباشرة إلى الأمير عبر الموسيقى. وتجلى ذلك في الحركة الأخيرة للسمفونية رقم 45، عندما قام الموسيقيون بإطفاء الشمعة أمامهم زوجاً زوجاً والانسلال من المسرح تدريجياً أثناء عزفهم السيمفونية، بحيث اختتمت السيمفونية بعزف كمانين فقط، وكان العازفان هايدن نفسه ومساعده آلويس لويجي توماسيني على الكمان الثاني. ويبدو أن الأمير فهم الأشارة، إذ أمر بالعودة إلى كِشمارتون في اليوم التالي.
يعد هايدن أبو السيمفونية، فقد ألف 104 سيمفونيات نلمس فيها التطور المبهر لهذا الشكل الموسيقي من هيئته في عصر الباروك المتأخر والذي يتألف من ثلاث حركات باستعمال الوتريات على الأغلب مع هاربسيكورد وربما باسون لإداء المصاحبة (الباص المستمر حسب التقاليد السائدة في عصر الباروك). ثم بدأت الأدوات الهوائية "بالتسلل" تدريجياً الى الاوركسترا، مثل الهورن، أو الأوبو، أو كلاهما. ثم دخل الفلوت والباسون (بخط لحني خاص وليس للمصاحبة) والكلارينيت والترومبيت والطبول. كانت سيمفونيات هايدن الثلاثين الأولى بثلاث حركات، قبل أن يطور الشكل ويدخل شكل السوناتا الذي ابتكره ويطبقه على الحركة الاولى من السيمفونية (وفي الرباعي الوتري كذلك، فهو يماثل شكل السيمفونية لكن لأربع أدوات وترية).
تتميز موسيقى هايدن وبالخصوص سيمفونياته بروح الدعابة والنكتة وفيها الكثير من المفاجآت (والمقالب الموسيقية إن صح التعبير). فقد كتبت مرّة عن سيمفونية المفاجئة التي تضمنت قرعاً شديداً للطبول فجأة على غير توقع في الحركة الثانية البطيئة بعد موسيقى خافتة ورتيبة، مما تسبب في أيقاظ من نام بين صفوف الجمهور اللندني الذي حضر الحفل الأول لهذه السيمفونية.

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram