صادق الطريحي
مازلتَ يا كافورُ، أسودَ ..
لم تنظفكَ الوظيفةُ من بثورِكَ ..
أو قروحِكَ (*) ..
لم تبيّضكَ المناصبُ ..
لم تطهّركَ الإمارةُ، والإدارةُ ..
وجهُكَ المشروخُ أسودُ ..
صوتُكَ المجهولُ أسودُ ..
صمتُكَ المثقوبُ أسودُ ..
عينُك العوراءُ شُلّ سوادُها
إذ أنت أسودُ ..
أنفُكَ المجدوعُ أسودُ ..
شعرُكَ المحروقُ أغبرُ ..
وقتكَ المشرومُ أسودُ ..
أذنُك الحمراءُ، والنّخاسُ، والأحزابُ، ..
والأسواقُ، والفَلسَيْنِ، والدّولارُ ..
سودُ كلُّها؛
إذ أنتَ أسودُ ..
لا بياضَ بروحِكَ الدكناءِ، إذ ..
تتفسخُ الأدرانُ ..
عن شبحٍ،
دميمٍ،
أقزم.
مازلتَ يا كافورُ، عبداً غائبا.
مازلتَ ، عبداً ثعلباً ،
أو سائسًا متسوّلاً،
صفرُ الهُويةِ أنتَ ، ..
موجودٌ بوصفكَ حادثًاً متسلّلاً.
لا بصمةُ لكَ في سجلّات السّماءِ،
أو السّوادِ،
أو الرّقيمِ ..
فما تزالُ مزيّفاً ، ومزّيفاً متحوّلاً.
في (معجم الأنجاسِ) لستَ سوى عقيدٍ أنكدِ
في (معجم الخِرسانِ) لستَ سوى وصيفٍ أبكمِ،
في (معجم البُرصانِ) لستَ سوى مصابٍ مبعدِ،
في (معجم اللؤماءِ) لستَ سوى حسودٍ أشأمِ
لا يحضرُ الأسماعَ ذكرُك ..
لستَ موجوداً بقائمةٍ لأصحابِ الخلافةِ ..
لستَ موجوداً بقائمةٍ لأصحابِ الرئاسةِ ..
لستَ موجوداً بقائمةٍ لأصحابِ الحجابةِ ..
لستَ موجوداً بقائمةٍ لأصحابِ الشّطارةِ ..
لستَ مذكوراً بمنقبةٍ، ومقلمةٍ ..
ولستَ من المدينةِ ..
لستً مملوكاً ..
ولا حرّاً ، ..
ولستَ من القرى.
مازلتَ يا كافورُ، عبداً خائباً.
مازلتَ يا كافورُ، مِسخاً حاكماً!
مازلتَ وحشيَّ الطّباعِ ..
وظفرُك المقصوصُ، لا يتهذّبُ!
مازلتَ تسرقُ قوتَ شعبٍ طيّبٍ متحضّرِ
مازلتَ تسرقُ وقتَ شعرٍ ملهَمِ
مازلتَ تسرقُ كاتباً ،
إذ أنتَ لا تتعلّمُ.
مازلتَ تسرقُ صوتَنا ،
يا أيها المتلعثمُ.
مازلتَ يا كافورُ، مسلوبَ الإرادةِ ..
ربما، لكَ سلطةُ السّفهاءِ، ..
حين تغيّبُ الإيقاعَ ..
أو لكَ سلطةُ المعتوهِ ..
حين تجففُ الصّحراءَ ..
أو لكَ سلطةُ الكهّانِ ..
حين تهجّنُ الأحكامَ ..
أو لكَ سلطةُ الشّرَطيّ ..
حين تحرّمُ الأشعارَ
لكنّ القصيدةَ في هجائكَ ..
أيّها العبدُ الحقير.
____________
(*) (من خـ ... ك) في قراءةٍ مشهورةٍ للقصيدةِ.