TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: دقة التوقيت

مجرد كلام: دقة التوقيت

نشر في: 2 أكتوبر, 2018: 06:44 م

 عدوية الهلالي

اختيار التوقيت المناسب مهم جداً لانجاح أية مهمة ، ويبدو أن هناك من يأخذ على عاتقه مهمة زعزعة الوضع الأمني وإشاعة الخوف في مجتمع بدأ يتنسم مؤخراً هواء الحرية وممارسة الحياة الطبيعية ..من هنا ، عاد مسلسل القتل المنظم ليظهر على السطح عبر مسلسل قتل كل من يشذ عن الأعراف والتقاليد وخاصة النساء من ناشطات وخبيرات تجميل وشهيرات في مجال الموضة والإعلانات ،فضلاً عن نشر مقطع فيديو قديم في مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه مجموعة من الشباب وقد تمّ إطلاق النار عليهم في أحد مقاهي العاصمة بغداد ..
قبل كل شيء ، لايجوز اعتبار القتل وسيلة لمعاقبة من يشذ عن أعراف المجتمع فليس من حق أي إنسان قتل النفس التي منحها الله حق الحياة ، كما أن الدستور العراقي منح المواطن حق الحياة وحرية السلوك وليس من واجب أي جهة معاقبته على ذلك ، وماحدث مؤخراً يدل على هشاشة الوضع الأمني وتسلط جهات تمتلك السلاح بعلم الدولة لتفرض مفاهيمها الدينية المتطرّفة ، وقد يكون الغرض من ذلك هو إيصال رسالة من بعض الأحزاب المتطرّفة بان المرحلة المقبلة يجب ألا تسودها صبغة العلمانية والتحرر التي بدا واضحاً أن خطابات الساسة الأخيرة تنادي بها لكسب أطياف عديدة من المجتمع لم تعد تؤمن بتسيد الأحزاب الدينية والطائفية..هي إذن محاولة أخيرة لزعزعة الأمن بهدف تقويض أركان الحكومة وتأكيد عجزها عن حماية المواطن لتقليل حظوظها في سباق اختيار رئيس وزراء جديد قادر على حصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات للشعب وأهمها الأمان ، الأمر الذي يعيدنا الى مسألة اختيار التوقيت المناسب ، فمنذ أن علمنا ميكافيللي (إن الغاية تبرر الوسيلة ) في السياسة ، والسياسيون يلجأون الى أكثر الأفعال انحطاطا وقذارة ليحققوا غاياتهم المرجوة ، ومناصب مهمة كالمناصب الرئاسية الثلاث تستحق أن تبذل من أجلها التضحيات الجسام من الأموال التي يقال إنها كانت وراء الفوز بمنصب رئيس مجلس النواب والدماء العراقية البريئة التي تراق يوميا لافشال الحكومة الحالية وغلق منافذ الأمل أمام عودتها الى السلطة او –على أقل تقدير – حصول تحالفها على الرضى والقبول لغرض تشكيل الحكومة المقبلة ..
الى متى يظل المواطن العراقي وسيلة رخيصة لتنفيذ خطط وبرامج رجال السياسة ولماذا يستكثرون عليه العيش بأمان واستقرار نسبي على الأقل بعد أن يئس من تنفيذ مطالبه في توفير الخدمات وفرص العمل وماعاد يطمع إلا في ممارسة حياته الطبيعية من دون خوف أو تهديد ..سينتهي المسلسل دون شك مع نهاية سباق الفوز بالمغانم ولكنه لن يكون المسلسل الأخير بالتأكيد ، فالوجوه هي ذاتها ، وحتى ولو اختلفت لديها الغايات مستقبلاً فسيظل المواطن المسكين هو وسيلتها الوحيدة لبلوغها!!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram