إياد الصالحي
خطف فريق النفط أضواء الكرة العراقية والعربية كلها خلال اليومين الماضيين، مؤكداً شرف تمثيله العراق في أهم بطولة عربية أحيا تنافسها الاتحاد العربي على كأس زايد للأندية الأبطال 2018-2019، مبدّداً حلم الصفاقسي التونسي في ملعبه، وموقّعاً حضوره في الدور ثمن النهائي وسط نخبة قوية من ممثلي مصر والسعودية والإمارات والسودان وتونس والجزائر والمغرب.
ليس سراً، ما قامت به إدارة نادي النفط من تحضير مثالي تدريجي تصاعدت فيه معدلات اللياقة البدنية للاعبين في معسكر تركيا مع خوض لقائين إيجابيين مع أربيل والحدود ضمن منافسات دوري الكرة الممتاز عَمد خلالها المدرب القدير حسن أحمد الى الاستفادة القصوى من الأخطاء التي ارتكبها الفريق في بعض الخطوط لاسيما الوسط، وكثيراً ما تغافل عن واجباته الدفاعية، ليخرج بحصيلة من نقاط التقييم ويعالج الحالات الضرورية التي تقوّض فرصة التأهل في ملعب الطيب المهيري، فكان له ما أراد وظهر النفط قوياً ومتماسكاً وكأنه أعدّ لخوض نهائي البطولة.
وكي لا ينسى البعض، أن هناك عاملاً نفسياً واجه لاعبو النفط قبيل بدء المباراة، تمثّل بخشيتهم من تكرار الضغط الجماهيري السلبي الذي عانى منه سفير الكرة العراقية الثاني "القوة الجوية" أمام اتحاد العاصمة الجزائري قبل 21 يوماً فقط من موقعة المهيري، وأدى الى انسحاب الصقور، بعدما تواردت معلومات غير مؤكدة تفيد بنية الجماهير التونسية العمل بالمثل لعلّ النفط يعود الى بغداد على خطى شقيقه، فردّ الجمهور التونسي الحبيب في الملعب ملتزماً بأصول التشجيع وحريصاً على سمعة اللعبة في وطنه وكان كريماً بتقديره حفاوة الاستقبال التي تلقاها فريقه في رحلة الذهاب الى أربيل يوم العاشر من آب الماضي، فأستحق أنصار الصفاقسي لقب "التشجيع الأمثل" بين الأندية نظراً لخصوصية توقيت هذه المباراة ومجابهته الاشاعات التي روّجَتْ قبلها وتحلّيه بثقافة ووعي قلّ نظيرهما عربياً وآمل أن يأخذ الاتحاد العربي ذلك بنظر الحسبان.
إدارة النفط مطالبة بمسؤولية كبيرة المحافظة على منجز الكابتن حسن ولاعبيه الأبطال في الدور المقبل الذي لا يحتمل أي تعثّر أما الفوز أو وداع البطولة، وهذه فرصة لتتكاتف المؤسسات ذات العلاقة وزارتي النفط والرياضة واتحاد الكرة مع النادي ملبية جميع الاحتياجات كشريك فاعل للظفر ببطاقة الدور ربع النهائي، وبعده تقريب الحظوظ عملياً بخطوتين للذهاب الى مباراة ختام البطولة والتنافس بشرف على كأس زايد.
أحد عشر فريقاً من عرب أفريقيا: الأهلي والزمالك والإسماعيلي والاتحاد السكندري (مصر) والرجاء الرياضي والوداد الرياضي (المغرب) ووفاق رياضي سطيف واتحاد العاصمة ومولودية الجزائر (الجزائر) والنجم الساحلي (تونس) والمريخ (السودان) مقابل خمسة أشقاء في آسيا الهلال والنصر والأهلي (السعودية) والوصل (الإمارات) والنفط يدلل على الفارق الفني بين أندية القارتين السمراء والصفراء، وأن هناك عملاً احترافياً بمعنى الجدية والتخطيط والتنظيم وفق أجندة محكومة بأزمنة واستحاقات ليست مرحلية، وهو سرّ الفكر الكروي الناضج لدى الأشقاء في أفريقيا الذين ينظرون الى اللعبة من زوايا عدّة تلتقي لتحقيق أكبر الأهداف سواء كأس العالم أم كأس الأمم بينما تبقى أفكار القائمين على كرتنا حبيسة أداء الواجب وطيّ صفحته التي تخبئ أسرار النجاح والفشل للمشاركة العراقية كمجموعة وأفراد، ولا يحلّلها في ورشة خبراء يغنونها بمقترحاتهم ووصاياهم.
إذا كان المدرب حسن أحمد قد حافظ على ثباته بين صفوة المدربين الوطنيين بقيادة النفط الى مقاعد القمّة في دوري الكرة الممتاز لأكثر من موسم ونقله الى الدور 16 عربياً مع حرصه على تدريب توليفة من اللاعبين الشباب صهر إبداعهم في بودقته الفنية المحصّنة من أي مؤثرات مادية أو معنوية، فإنه يدرك حجم المسؤولية الجديدة في مشواره العربي، فربما لا نحظى بمقعد التأهل في النسخ القادمة، لذا عليه وضع ستراتيجية شاملة ومتوازنة للنفط لا تتعارض مع مجهودات اللاعبين في الدوري المحلي وطموحه بالذهاب بعيداً في كأس زايد التي نريدها منشّطاً حيوياً لعودة العراق إلى القمم الكروية في جميع المسابقات.