رعد العراقي
مازالت الساحة الرياضية العراقية تعيش دوامة المشاكل والتقاطعات والاتهامات بين جميع مفاصلها حتى باتت تشكّل معولاً يستبيح هدم كل أسسها لتطيح ببنيانها الراسخ على مرّ التاريخ فباتت أوراقها مكشوفة ومتاحة أمام وسائل الإعلام بكل توجهاتها، تتناقلها كيفما تشاء فتعدّدت الرؤى وتنوّعت الدوافع واختلطت النوايا فتحوّلت الى أسيرة لا تقوى إلا على البحث عما يستر عوراتها وإرضاء من يثير ويكشف أسرارها!
لابد من الاتفاق مسبقاً على أن الرسالة الصحفية والإعلامية الرياضية وجدت لتكون أحد أركان النهوض بالقطاع الرياضي بكل مستوياته من خلال الرصد والتشخيص والمتابعة وطرح الحلول بالنقد الإيجابي والتشجيع والمؤازرة وإشهار الجوانب الإيجابية بكل حيادية ومنهية بعيداً عن الإساءة والشخصنة والإثارة..تلك الرسالة تحقّق الغرض باتجاهين ، الأول المساهمة في تشذيب الواقع الرياضي من السلبيات والدفع بعجلة التطوير والثانية ترسيخ وإعلاء شأن الصحافة والإعلام الرياضي بعد أن تكون قد مارست دورها المهني بأعلى مراتب المسؤولية. ما يحصل اليوم ربما يكون على النقيض من ذلك تماماً حينما تسابقت بعض البرامج الرياضية على استغلال فوضى الوضع الرياضي ليكون جسر العبور نحو الشهرة والظهور وحصد المتابعين مع التفنّن بأساليب الإثارة والتشويق وسحب المشاهد لترقّب كل ماهو مسيء أو فضائحي عبر منابر لا تراعي الأذواق ولا خطورة تبعيات ما يجري على سمعة الرياضة وشخوصها لتتحوّل شيئاً فشيئاً الى حلبات صراع لفظي واتهام ونشر علني لأسرار من المفترض ان تطلب طرحها لا تكون إلا خلف أبواب التحقيق السري وتحت سلطة القانون كي نحفظ هيبة المؤسسة ونحترم الصالح العام.
لكن وسط تلك المشاهدة السوداوية تبرز نقاط مضيئة تبعث الأمل بانقلاب تلك المفاهيم المغلوطة التي برزت وسط أجواء متوترة نتيجة ما مرت به البلاد من احداث عصيبة تلاعبت بالمفاهيم الفكرية وتحديدات الحرية وهي من ساهمت في انتشار ظاهرة ( إعلام التربّص والتشهير ) وقد يكون برنامج (استوديو الرياضة ) الذي يقدمه الزميل حسام حسن من قناة الحرة نموذجاً مشرقاً لسمو الإعلام الرياضي الذي يستهدف الرصانة في الطرح والحوار والفائدة بلغة هادئة لا تعرف الضجيج ويحرص ربّانها الذي يمتلك الثقافة والبساطة في إدارة برنامجه عبر تناول الاحداث المهمة ومن ثم تسليط الضوء على شخصيات رياضية قبل الانتقال لمناقشة إحدى القضايا بأسلوب متزن يراعي حسن اختيار الضيف والتحكّم بالحوار دون السماح بالإساءة عبر مداخلاته الذكية التي برزت مقدّماً في اختياره عرض البرنامج يوم الثلاثاء وهو إشارة ذكية لإيقاد ذهن المشاهد لأحبّ البرامج سابقاً ( الرياضة في أسبوع ) ليكون هناك تواصل روحي بين أصالة الماضي والحاضر.
لا نريد للمشاكين أن يؤسّسوا نهجاً جديداً لشهرة بعض البرامج على حساب الرياضة فتكون كالخنجر المسموم الذي يطعنها بالخلف دون وعي منها إن كنا نحسن الظن بالنوايا ! وان تكون الشجاعة هي صفة من يرمي دائما بماء العقل وحسن التصرّف على النار المستعِرة ويخرج بحلول للمواقف المعقدة ويُلجم الإساءة عبر الارتقاء بلغة الحديث والحرص على استضافة الشخوص من ذوي الاختصاص والخبرة والمعرفة ليكون فاعلاً بالرأي والاستشارة وليس من يمتلك (الصوت العالي) وبدائية الفكر واللغة!
باختصار.. طالما طالبنا بضرورة أن تقوم الجهات المسؤولة بطرح ( ميثاق شرف ) لكل القنوات الفضائية التي تتبنى البرامج الرياضية لوضع سياقات واضحة وملتزمة تحافظ بها على جودة ما يطرح وتحمي بها البيت الرياضي من الإساءة والانتقاص وتعيد الأهداف نحو مقاصدها الصحيحة وننتصر أخيراً لذوق وعقل المشاهد.