ترجمة/ حامد أحمد
وسط توجه دولي لمناهضة العنف الجنسي وما تتعرض له المرأة من انتهاكات ، تم يوم الجمعة تتويج الناشطة الإيزيدية العراقية ، نادية مراد 25 عاماً ، التي تعرضت لجريمة السبي الجنسي على يد تنظيم داعش الإرهابي بجائزة نوبل للسلام ، حيث أصبحت بمثابة صوت ووجه المرأة التي نجت من العنف الجنسي على يد تنظيم إرهابي وذلك تكريماً لحملتها التي تروج لها لوضع حد لاستخدام الاغتصاب الجماعي كسلاح حرب .
وكانت ، مراد ، قد مرت بمخاطر مميتة لتنجو بنفسها لمساعدة قريناتها الاخريات على طرح مشاكلهن وقصصهن للرأي العام.
وقالت ، بيريت ريس اندرسن ، رئيسة لجنة جائزة نوبل النرويجية بهذه المناسبة " نحن نريد أن نبعث برسالة توعية مفادها بأن النساء اللائي يشكلن نصف تعداد مجتمعات العالم ، قد تم استخدامهن كسلاح حرب وهن بحاجة لحماية وان المتورطين بأذيتهن يجب ان تتم مقاضاتهم ليتحملوا مسؤولية أفعالهم ."
وأضافت ، أندرسن ، انه خلال هذا العام عندما حولت نساء أنظار العالم لآفة الانتهاك الجنسي الذي يتعرضن له في المنزل وفي مكان العمل ، فإن هذه الجائزة تسلط الضوء على مكان في العالم حيث دفعت فيه نساء أثمانا باهظة عبر سنوات من النزاع المسلح وفشل المجتمع الدولي بمقاضاة مجرمي حرب ارتكبوا جرائم عنف جنسي .
عندما اجتاح تنظيم داعش مساحات واسعة من مناطق شمال وغرب العراق عام 2014 كانت ، مراد ، قد تم اختطافها برفقة آلاف من النساء والفتيات الاخريات من الاقلية العرقية الايزيدية الذين استخدمهم داعش كرقيق للاستعباد الجنسي . وبينما رفضت غالبية النساء من اللائي نجين من داعش أن يذكر اسمهن ، أصرت ، نادية مراد ، على أن تعرّف نفسها للعالم ويتم تصويرها وإن عملها البطولي هذا ساعد بإقناع الخارجية الاميركية أن تقرّ بالإبادة الجماعية التي تعرض لها شعبها على يد التنظيم الإرهابي .
وفي بيان لها قالت ، مراد ، إنها تعبّر عن امتنانها الكبير لهذه الجائزة وإنها تشرك معها بهذه الجائزة أبناء طائفتها من الإيزيديين وكذلك جميع العراقيين والكرد والمسيحيين ومن الاقليات المضطهدة الاخرى وجميع ضحايا العنف الجنسي في العالم الذين لايمكن إحصاء أعدادهم .
وأضافت مراد قائلة " أفكر بوالدتي التي قتلت على يد تنظيم داعش ، وبالاطفال الذين تربيت معهم وما علينا أن نفعله لتكريمهم . اضطهاد الأقليات العرقية يجب أن ينتهي ."
كانت ، مراد ، التي ولدت ونشأت مع عائلتها في قرية كوجو شمالي العراق ، قد وقعت في مركز حملة تنظيم داعش للإبادة العرقية . وكانت قرية كوجو في الساحل الجنوبي من جبل سنجار من بين أوائل القرى الإيزيدية التي اجتاحها داعش الذي شنّ هجومه من الجنوب في 3 آب عام 2014 .
تم حجز السكان في مدرسة كوجو الوحيدة في القرية ، حيث عزل النساء والفتيات عن الرجال . الأسرى من الرجال الذين من ضمنهم ستة من أشقاء ، مراد ، قد تم وضعهم في شاحنة واقتيدوا الى حقل خارج البلدة حيث تم إعدامهم هناك .
أما النساء والفتيات فقد أجبرن على الصعود في باصات ، واقتيدت مراد الى سوق النخاسة حيث تم بيعها تحت إشراف قاضٍ من تنظيم داعش . وبينما كانت زوجات مسلحي داعش مأمورات بارتداء الحجاب والنقاب مع الكفوف ، فقد تم إجبار ، مراد ، على التبرج وارتداء ملابس مكشوفة خاصة بالمناسبات .
وتستذكر ، مراد ، قائلة انه في تلك الليلة قام أحد مسلحي داعش بفرض نفسه عليها وجعل يضربها بقسوة إذا تجرات على إغماض عينيها اثناء الاعتداء عليها . وحذرها من انها ستتعرض لأشياء أكثر عنفاً اذا ما حاولت الهروب . وعندما أمسك بها وهي تحاول القفز من النافذة ، أمرها بخلع ملابسها . ومن ثم دعا حراسة الذين تناوبوا على اغتصابها لحد ما أغمي عليها .
وكتبت مراد في مذكراتها التي كتبتها تحت العنوان ، الفتاة الأخيرة ، قائلة " في إحدى الفترات لم يكن هناك أي شيء سوى تعرضي للاغتصاب . حيث لا تعرف من الذي سيفتح الباب مرة ثانية للهجوم عليك ، هذا ما كان يحصل دائما وقد يكون يوم غد أسوأ . "
ومضت قائلة " لم يكن هناك شيء سوى الاغتصاب والتنمل الذي يأتي مع فكرة ان هذه هي حياتك الآن ." ولكنها تمكنت في النهاية من الهروب .
وبعد سنوات من ذلك رفضت ، مراد ، التبرّج وكرست نفسها لحملة دولية متحدثة أمام مجلس الامن والكونغرس ومجلس العموم البريطاني ومؤسسات عالمية أخرى .
وبينما أدلت إيزيديات أخريات نجين من داعش بإفادتهن أمام نفس تلك الهيئات الدولية وهن يرتدين غطاء لحجب وجوههن أمام عدسات التلفاز ، أقدمت ، مراد ، على كسر هذا التقليد العرفي الاجتماعي وأصرت على كشف وجهها وهويتها للعالم .
وقد أصبحت ، مراد ، أيقونة ضمن قراها الإيزيدية في بلدتها سنجار ، واصبح الكثير من أتباعها يضعون صورها على هواتفهم النقالة مع تعليق بوسترات كبيرة تحمل صورها في شوارع المدينة .
وذكرت ، مراد ، أنها قد استنزفت من كثرة تكرارها للكلام ، ولكنها قالت إنها تعرف نساء إيزيديات أخريات قد تم اغتصابهن أيضا عند عودتهن للوطن : " سأعود لحياتي الطبيعية عندما يرجعن النساء الأسيرات الى حياتهن الطبيعية أيضا ، سأعود عندما يكون لأهلي وناسي مكان يعيشون فيه ، سأعود عندما أرى المجرمين المتورطين يلاقون حسابهم إزاء الجرائم التي ارتكبوها ."
أصبحت ، نادية مراد ، ثاني أصغر فائزة بجائزة نوبل للسلام بعد الناشطة ملالا يوسفي ، التي تم تكريمها في العام 2014 بعد ان نجت من إطلاق نار من قبل تنظيم طالبان .
في العام 2016 تمت تسمية ، مراد ، أول سفيرة نوايا حسنة للامم المتحدة لشرف الناجين من الاتجار بالبشر . وفي ذلك العام نفسه تم منحها جائزة ، فاشلاف هافل ، لحقوق الإنسان .
عن: نيويورك تايمز