TOP

جريدة المدى > عام > حول مقالة تولستوي بدل السخوي

حول مقالة تولستوي بدل السخوي

نشر في: 7 أكتوبر, 2018: 06:58 م

د. ضياء نافع

كاتب هذه المقالة (القصيرة بحجمها والكبيرة بقيمتها وأهميتها) , أو محبّرها ( كما يحلو له أن يقول ) هو الاستاذ سمير عطا الله ( صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 20/9 / 2018 ), وعنوان المقالة جذّاب ووجيز وعميق وشاعري , ويعبّر عن مضمون المقالة رأساً , ويؤكّد طبعاً كل ما يمتلك الصحافي اللبناني عطا الله من خبرة وتجربة إبداعية طويلة في مجال العمل الصحفي و إيجاز سحر الكلمات وضغطها وموهبة صياغتها. إن الإيجاز هو شقيق العبقرية حسب تعبير تشيخوف العميق والطريف ( أليس خير الكلام ما قل ودلّ), وقد استطاع عطا الله فعلاً أن يجسّد هذا القول في عنوان مقالته تلك , فالعنوان هذا قد وضّح فعلاً كل أبعاد الفكرة التي أراد الكاتب أن يقولها لنا.
لقد توقفت رأساً عند هذه المقالة عندما كنت أقوم بالاطلاع اليومي على الصحف العربية صباحاً , وعندما قرأتها , قررت رأساً أن أرسلها أولا الى زميلتي الباحثة المصرية المبدعة أ. د. مكارم الغمري , مؤلّفة كتاب (مؤثرات عربية وإسلامية في الأدب الروسي) الصادر بالكويت في نهاية القرن الماضي , وذلك لان المقالة هذه هي اعتراف رسمي بأهمية كتابها , اعتراف (ولو جاء متأخراً) ولكنه مهم جداً, لأنه يأتي من خارج أوساط المتخصصين في اللغة الروسية وآدابها . هذا أولاً , أما ثانياً , فقد أثارت هذه المقالة في أعماق روحي الشؤون والشجون , وتذكرت كل معاناتنا ( نحن المتخصصين العرب في اللغة الروسية و آدابها) عندما رجعنا الى بلداننا العربية بعد انهاء دراستنا في الجامعات والمعاهد الروسية , وكيف قابلونا في بلداننا , وتذكرت حتى جملة لازالت ترن في روحي وعقلي لحد الآن , جملة قالها لي أحد (مدراء!) وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق , بعد أن اطلع على وثائقي واختصاصي, والجملة تلك هي – (ما لكيت ( لقيت) غير اختصاص كل هذي السنين ) . وتذكرت أيضاً , كيف استدعانا مرة (الملحق الثقافي العراقي !!!) في موسكو عام 1962 الى اجتماع في الملحقية الثقافية , وطلب منّا رسميّا أن ننتقل من كليّة الفيلولوجيا (اللغات وآدابها) بجامعة موسكو الى كليات أخرى ( وكنّا آنذاك في الصف الثاني) , وذلك لأن العراق , كما قال هذا الملحق الثقافي (لا يحتاج الى اختصاصنا هذا أبداً !!!) , وقد حاولنا مناقشته (وكان لدينا طبعا حماس الشباب وحيويته واندفاعه), وبعد اللتي واللتيا والنقاش الحاد جداً, قال الملحق الثقافي , إن العراق (ربما يحتاج الى واحد أو اثنين منكم في المستقبل البعيد ليس إلا) . وتذكرت أيضاً , كيف استطعت – وبصعوبة بالغة - أن أؤسس مركز الدراسات العراقية – الروسيّة في جامعة فارونش الحكومية عام 2007 , وكيف حاولت أن أربط هذا المركز المهم بجامعة بغداد , ولكني اصطدمت بنفس تلك العقلية البيروقراطية , التي لم تستوعب حتى حيوية هذه الفكرة وقيمتها وأهميتها التاريخية, وقد اضطررت طبعاً الى الغاء هذا المركز بعدئذ نتيجة هذه المواقف . لقد أشار الاستاذ سمير عطا الله في مقالته تلك قائلاً إننا لم (ننتبه الى وجود أشياء مهمة كثيرة غير الدبابات والقاذفات مما يجمع بيننا وبين الحضارة الروسية منذ ثلاثة قرون على الأقل ) , وهو على حق طبعاً , ويدعو الكاتب في نهاية مقالته الى – (تبادل ثقافي على مستوى الحضارتين) , وما أحوجنا الى ذلك فعلاً , وما أحوجنا أن نبتدأ اليوم وليس غداً باتخاذ خطوات في هذا السبيل , وأود – ختاماً – أن أشير الى مقالتي بعنوان – (نحو تأسيس صندوق للترجمة من الروسية الى العربية في موسكو) كمثل على ذلك , واؤكد على امكانية تنفيذ هذا المقترح , والذي يعتمد بالأساس على استقطاع سنت واحد فقط لا غير من سعر كل برميل نفط تستخرجه الشركات النفطية الروسية في العراق , ويمكن لهذا (السنت الواحد !) أن يموّل اصدار مكتبة روسيّة كاملة باللغة العربية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram