احتفى بيت المدى للثقافة والفنون في شارع المتنبي امس الجمعة بصدور كتاب "عيون انانا" الذي صدر بتمويل من السفارة الألمانية في بغداد ومعهد غوته في اربيل، وهو نصوص من الادب العراقي المعاصر، لأديبات عراقيات معاصرات، حضر الاحتفالية عدد كبير من الادباء والشعراء والمهتمين بالجانب الثقافي، كما حضرها عدد من ممثلي السفارة الالمانية، قدمت للفعالية الدكتورة لقاء موسى فنجان التي اثنت على جهود مؤسسة المدى لاحتضانها كل ما هو مبدع وجميل، وأضافت فنجان: يضعنا هذا الكتاب امام العراق بعد سقوط نظام صدام حسين من خلال عيون أنانا التي رمزت للمرأة العراقية المبدعة.
وانانا هو الاسم السومري لآلهة الحب والخصب والحرب بينما عشتار او عشتروت هو الاسم الأكدي لها، هي الهة النقيضين في الحياة لكنهما يسيران متوازيين، وهي التي تهبط الى العالم السفلي لتنقذ حبيبها تموز.
تم التوزيع على اساس الموضوعات في هذا العمل مثل الحرب والموت والحب والمستقبل، والخوف والضياع والحرمان العاطفي، القمع.. الخ، وهي بالطبع موضوعات ما بعد الأزمة وتنتمي اغلب الكاتبات الى الجيل الذي عاصر الحروب و السياسات القامعة لذا فان المرأة التي تتعرض لابداعها هنا ليست كاتبة تقليدية مهتمة بقضايا عامة او كاتبة رومانسية مشغولة بمحور ذاتها فقط، ولا كاتبة واقعية تكرس كتاباتها نموذجاً نقدياً لسلبيات مجتمعها، للاحتذاء، انها كاتبة حداثية تجاوزت هذه المراحل، وعايشت مرحلة الاغتراب المعاصرة، ومعاينة الاسئلة والهواجس الكبرى التي تؤرق الانسان وتشعره بالاغتراب عن الذات، والاخر والاغتراب عن المكان، انما مسكونة بما يبدو ملموساً ومباشرا، ولكنها بلغة الشعر الذي غلف (السرد ايضاً) ان تحيل هذا اليومي الى هواجس كبرى تتصل بأسئلة الحياة والموت والفقدان والخديعة وفي التعبير عن خصوصية هذه التجربة وعلاقتها الواعية بالوطن. وتابعت : ولأن الوطن بخيل فهو لا يمنع رؤياه الا لمن امتلأت قلوبهم بوعي الايمان الحق بالوصول الى اولئك الذين هم منحازون اليه حتى النهاية.
المتحدثة باسم دار غوته بيرغيت سفينسون: شكرت مؤسسة المدى لمناصرتها المرأة العراقية في كل المجالات وقالت: هذا هو الكتاب الثاني في سلسلة المتنبي التي دعمت ومولت نشرها السفارة الالمانية في بغداد ومعهد غوته في اربيل، وقد ذكرت سفينسون ان الهدف من هذا المشروع هو نشر نصوص وقصصية لشعراء وكتاب عراقيين وعراقيات في الفترة ما بعد سقوط نظام صدام حسين.
وقالت: ان الكتاب الأول صدر وليس فيه نص لكاتبة عراقية واحدة، فكان هذا الكتاب استدراكاً على الخطأ الذي وقع عند الاصدار الاول لتكون عيون انانا استدراكاً يضع ابداع المرأة العراقية في موضعه الصحيح من تاريخ هذه الحقبة الزمنية المهمة. وقد تضمن الكتاب اعمالا شعرية وقصصية لكاتبات معروفات مثل لطفية الدليمي وميسلون هادي وفليحة حسن وشابات مثل أمينة محمود وانعام الهاشمي ورنا جعفر وسمرقند الجابري وماجدة غضبان.. الخ وهن ست عشرة كاتبة.
سهام جبار : يا بلدي
يا بلدي يا كل العالم
يا بغداد الحلوى المرة
يا دجلة منكمشاً تحت سماعة
يا بيتاً من ورقٍ مسدود
وأما هي خيط معقود
يا قمراً يرفس هذا الخط
ودفاناً من وقت ينفذ
يا اسما
يمحو
يا ورداً يخز
يا موتاً يكر في جنين
يا بلدي
سمرقند الجابري: إلى أبي الشهيد
بعدها اعتلت الشاعرة سمرقند الجابري المنصة لتقرأ قصيدتها التي حملت عنوان قصيدة شهادة "الى ابي الشهيد":
ينهشك الموت.. ليرسم رحيلك زرقة يومي
جيل معتم، وأنصاف كلاب تسرق فطوري
لأنهي العام بنصف رغيف
ليس مخيفاً ذلك الليل عليهم
بماذا أغسل نهاري.. وماء عيني خبأته لصغار يشبهونك
فأنا في غابة لا أرنب فيها
صرت أعلم وجع دوائر الدولة، وكذب الساسة.. وفشل الكلمات
صرت أعلمهم بأن المربع ثلاثة أضلاع
كي لا يصدمهم ما يسرق أيضاً
في النار ولا أحترق كإبراهيم
فلم أدع نبوءة قد ترفعني في الدنيا
لأني سموت بخمسة بعد رحيلك
كسرت شبابي عليهم
لأنهم قتلوك في خميس أجرب
والأغرب، نموي بابتسامة عنود
قد لا تتفق مع جناحي الكسير
تراه رحيلك وأنا لا يتفقان
كبروا.. تراك تراني ألبسهم ثياباً.. أخرى بمقاس أكبر
تمد من برزخك شفاهاً تناديني: ساعديني لأدخل الجنة.
ناهضة ستار : حوار بنصف بوح
وقرأت الدكتورة ناهضة ستار قصيدتها التي كانت بعنوان حوار بنصف بوح:
كلامك الضوء..
يهديني فأعتنق..
هلا أقمت صلاتي.. والمدى قلق
اني على قلق..
يفضي الى قلق
لا يستكين ولا.. اني سأحترق
تاريخ اسئلتي يحتار في شفتي
اني لها البوح يا شمس.. ويا أفق
لا أحس البوح.. أسمائي تبعثرني
ترتج زلزلة (أسرى بها الارق
يا ليتها لغة)..
ضمت ملامحنا
حتى نفيق وقد غامت بنا الطرق
تأرقت لحظة الاشراق في دمنا
اذ يستبيح مرايا جرفنا.. الغرق
طفل يهدهدني.. مازال يقلقني
أنى ينام..
ونبض الماء يحترق
أحتاجك الآن.. أوطاناً (مسالمة)
دستورها: الحب والانسان والألق
احتاج خارطة.. (نبضي يصممها
أوطانها الماء يمشي خلفها الورق
اني على ورقي
عشتار أغنية
تتلو مراياي أن أسرى بي النزق..
غرام الربيعي : آخر ما تبقى من قلقي
آخر ما تبقى من قلقي كانت قصيدة للشاعرة غرام الربيعي اذ قالت:
صوب قلبي
بلون الصمت
سرت على أسطر
معانيها تحوف الطريق بالامان
عند منتصف الشرود
استوقفني جدار
سطوة المرايا
مزق صمت مشيمتي
داهم الفراغ ولادة
صوت يعتلي الكلمات.. هامات حنجرتي
***
صوب قلبي
بلون الماء
سرت على يقين الظمأ
لاغتال قلق الجفاف
بلل يحوف الطريق بالأمان
عند منتصف الضرورة
استوقفني جدار
سطوة الصنابير المعطلة
مزق شرف جريان الفرات
والعطش يداهم صبرنا
متأسين
بعطش كربلائي.
أزهار علي حسين : دروب أخرى لشهرزاد
اما القاصة والشاعرة ازهار علي حسين فقرأت قصيدتها دروب أخرى لشهرزاد اذ قالت فيها:
مثلك أنا..
منحوت رعبي من دم الصباح
لا وقت لدي الآن..
لافتراش الاحلام
دقات الساعة هنا
ترصد ملامح مدينة عجوز
تنصب مقصلة الانوثة.
يعرف الصبح كيف يقضمنا يا شهرزاد
زر المذياع يشير لذاكرة اخرى
من فم اغنية مترعة بالضوء
أسافر صوب مدينة من كحل وضحكات
باذخة بحمرة الشفاه
لكن مثل كل خيبة انفض رأسي
وأوصده بشال أبله
أحمله على طرقات الكابوس
كتابوت محشو بحياة ضيقة
تعالي نلبس الحكاية مسرحاً
لدروب الوحل
المدينة تنمو في حنجرتي
فأعجز عن الكلام
يرضي ربها المحنط في لافتات سوداء
و مئذنة شائخة
طفولتي تتكسر على رفات الصحراء
مهرجانات الدم تنبش أعراسها
الوجوه مثخنة بآيات الرعب
وحكايا القبور
لا وقت الآن لأمنيات وردة
أو ضحكات عطر
لا شمس ترتجف بقبلة
لمن سنقول اذن..
بأنا للصبح خلقنا؟
والصباح غدا يحمل نعشه
ويفتح مأدبة الوحشة
بعدها فتح باب النقاش حول الفرق بين كتابة الرجل وكتابة المرأة وكان للكاتبة والشاعرة نضال القاضي رأي في ذلك اذ قالت: مؤكد ان الرجل والمرأة بدأا من عملية التلقي ومرورا بالمعاناة ذاتها هناك فرق بين سيكولوجية الرجل والمرأة وهنا لا نتوقف عند موضوعة بيولوجية وانما عند موضوعة انسانية. الذي يفرق بين الرجل والمرأة.
بعدها تحدث المترجم نصير فليح اذ قال: كلنا نعرف المرأة العراقية التي تعرضت الى كوارث واعتقد ان الارامل والايتام والمطلقات اصبحوا معاناة مكثفة للمرأة العراقية، واضاف: اتمنى على الكتابة النسوية ان تعكس هذه الحالة بصدق يعني عندما نسمع نص او قصيدة من امرأة فانني اتوقع نسبة الصدق اكبر واعلى.
وفيما يتعلق بالادب النسوي العراقي فنحن محتاجون الى شيمة عالية من الصدق.
فما مرت به المرأة العراقية والمعاناة الشديدة التي عانتها اتوقع ان تكون مواضيعها مرتبطة بحميمة اكبر. وفي الختام وزعت نسخ من الكتاب على الحاضرات والحاضرين.