اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باليت المدى: الفنان المجهول

باليت المدى: الفنان المجهول

نشر في: 13 أكتوبر, 2018: 05:45 م

 ستار كاووش

مفاجئة صاعقة وردود أفعال يغلفها الذهول والغرابة حصلت لحظة إعلان مزاد سوثبي، بيع لوحة (فتاة مع بالون) للفنان البريطاني بانكسي، هذا الفنان غريب الأطوار والغامض والمليء بالمفاجآت التي لا تنتهي. اللوحة كانت معلقة على جدار المزاد، يحيط بها المهتمون وتجار الأعمال الفنية وجامعو التحف ووكلائهم، وفجأة، حين وصل المزاد الى نهايته وأعلن عن بيع اللوحة بمبلغ مليون دولار، ومع توقيت رفع مطرقة المزاد وضربها على الطاولة بالضبط، انفتح إطار اللوحة من الجهة السفلى لتهبط اللوحة الورقية وهي تمر بآلة تقطيع ورق وضعت بشكل سري في الضلع الأسفل للإطار، وبدأت اللوحة تهطل أكثر نحو الأسفل وهي تتقطع بسكاكين آلة تمزيق الورق ، وحين وصلت الى منتصفها تقريباً، توقف التقطيع، وبقي الجزء الأكبر من اللوحة متأرجحاً أسفل الإطار على شكل شرائط من الورق، والناس تتراجع وتتقدم في ذهول والكاميرات تقترب من العمل الفني لتصور ما حدث، وسط جلبة الحاضرين وارتباك مدير المزاد الذي مازال يمسك مطرقته بحيرة، وعيون الناس تتنقل بينه وبين اللوحة، تحرّك حراس المزاد بسرعة نحوها ورفعوها بحذر من الجدار وتحرزوا عليها داخل بناية المزاد. هذا الحدث الغريب والمريب والمفاجئ، شغل الأوساط الفنية والثقافية وتجار اللوحات
والمهتمين بالفن، هذا الاسبوع. لكن ماذا كان وراء ذلك بالضبط، كي يمضي الحدث بهذه الطريقة الدرامية؟ كيف تم توقيت ذلك ومن هو المسؤول عن تمزيق عمل فني ثمين بهذه الطريقة البشعة؟
تاريخ الفن لا يخلو من دعابات وألغاز وفذلكات، والشواهد كثيرة على ذلك، فقبل فترة كنت أقف وسط تيت غاليري في لندن أمام لوحة هانس هولباين (١٤٩٧-١٥٤٣) والتي رسم فيها دبلوماسيان فرنسيان في بريطانيا، رسمهما بتقنية مدهشة وفريدة، وهما يقفان بملابسهما الثمينة وتحيط بهما كل اكسسوارات القصر الثمينة، لكن هناك شيء
بينهما على الارضية شيء غريب يمتد الى العمق ويبدو مقحماً وهيئته الكبيرة غير ملائمة للمكان. لكن حيرتي قَلَّتْ حين رأيت بعض زائري المتحف يقفون بمحاذاة الجدار الذي عُلِّقَتْ عليه اللوحة وكأنهم يبحثون عن شيء بداخلها من خلال النظر من زاوية جانبية، انتابني الفضول ووقفت بجانب اللوحة لصق الجدار ونظرت إليها من جانب ضيق جداً، واذا بهذا الشكل الغريب يظهر على هيئة جمجمة رسمها الفنان بإتقان فريد لكنها لا تُرى إلّا عند النظر من جانب اللوحة، وقد اختلفت التفسيرات عن سبب قيامه بذلك. لكن الأكيد إنه بالاضافة لإثبات مهارته، أراد أن يرمز الى الموت هنا أو يشير الى مصير أحد الشخصيات. وقد سبق بتقنيته هذه، رسامي الشوارع بخمسة قرون.
كذلك من الخدع الفنية التي حدثت في تاريخ الفن، ما قام به الألماني جوزيف بويز (١٩٢١-١٩٨٦) حين نفَّذَ الكثير من أعماله بمادة اللباد والشمع، لأن هاتين المادتين ترتبطان معه، حسب قوله، بعاطفة خاصة تتعلق بحياته، فهو كان طياراً أثناء الحرب العالمية الثانية، وسقطت طائرته في جزيرة القرم، وقد انقذته قبائل التتار هناك، حسب روايته، ولفوه بمادتي الشمع واللباد لانقاذ حياته، لكن اتضح فيما بعد إنها واحدة من حكاياته التي اخترعها للفت الانتباه للمواد التي يستخدمها في أعماله!
نعود للفنان بانكسي ولوحة المزاد، فهو قد نشر بعد الحادثة مباشرة فيديو، يبين فيه كيف وضع آلة تقطيع الورق داخل مكان سري في الجزء الاسفل لاطار اللوحة، يعمل بجهاز صغير للتحكم عن بعد، وبذلك أراد من خلال ألاعيبه التي عُرِفَ بها أن يقول إن عمله عبارة عن ورقة عادية يمكن تمزيقها بسرعة، وهي لا تساوي مليون دولار. لكن الغريب من فعلته هذه، أن شهرته قد إزدادت، كذلك فإن هذه اللوحة التي شاهدها كل العالم، ربما سيرتفع ثمنها كثيراً بعد هذا الحدث.
لكن الأغرب في كل حكاية هذا الفنان، انه مجهول الهوية، لا يعرفه أحد وليست له صورة. الشيء الوحيد المعروف عنه هو إنه رسام كرافيتي مشهور واسمه بانكسي... وهو أسم مستعار أيضاً!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

وزير الداخلية في الفلوجة للإشراف على نقل المسؤولية الأمنية من الدفاع

أسعار الصرف في بغداد.. سجلت ارتفاعا

إغلاق صالتين للقمار والقبض على ثلاثة متهمين في بغداد

التخطيط تعلن قرب إطلاق العمل بخطة التنمية 2024-2028

طقس العراق صحو مع ارتفاع بدرجات الحرارة خلال الأيام المقبلة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram