TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > باختصار ديمقراطي: كاتانيتش..الأسود لا تعرف القيود

باختصار ديمقراطي: كاتانيتش..الأسود لا تعرف القيود

نشر في: 13 أكتوبر, 2018: 05:53 م

 رعد العراقي

على مرّ سنوات طويلة شهدت كرة القدم العراقية تغييرات وتقلبات في مستواها الفني بين صعود مبهر وهبوط مروع كانت تارة بسبب الظروف الأمنية وتارة أخرى ضعف المنظومة الإدارية والفنية وأسباب أخرى تتعلق بجوانب سياسية قيّدت من مشاركاتها وسببت في أن تعيش تحت حظر دولي لفترات طويلة سرق منها بريقها وفرض عليها أن تبتعد بخطوات عن مثيالاتها من دول المنطقة والقارة الصفراء.
ورغم الأوقات العصيبة التي مرّت بها إلا إنها كانت دوماً تفتخر بميزة فريدة تحوّلت الى ماركة سجلت باسمها حين شهد لها الخصوم بأسلوب أداء لاعبينا الذي يمتاز بالقوة والجرأة والشجاعة وعدم الاستسلام حتى وإن كان اداؤهم يفتقر الى التكتيك الفني العالي أو وجود انخفاض بدني بسبب ضعف الإعداد وشحة الدعم المادي والمعنوي.
تلك الميزة حصدنا ثمارها في بطولات كثيرة غطّت على سوء التحضير وقوة المنتخبات التي كانت تخشى استفزاز منتخبنا وهي تدرك طبيعة اللاعب العراقي الذي يميل نحو استحضار كل مقومات التحدي ويرتقي بادائه نحو إطلاق كل مخزونه الذهني والبدني فوق المستوى الاعتيادي لتحقيق الانتصار وكأنه يرسل إشارة مفادها إننا لا نلعب من أجل كرة القدم بل من أجل سمعة وطن . الكثير من المدربين المحليين الذين مروا على المنتخب الوطني كانوا يدركون قيمة هذا العامل السحري لذلك تراهم يعملون دائماً على استثماره وخاصة في الأوقات الحرجة حين يكون التحفيز النفسي ومحاكاة شخصية اللاعب الذي يكون مهيئاً ذهنياً نحو تقبل وتفهم حجم المسؤولية التي يتصدها في قضية تجاوزت حدود التنافس الرياضي خاصة وهو يدرك ماوراءه من جماهير متعطشة للخروج من دائرة الحزن والمآسي والعبور نحو ضفة السلام والأمان والشعور بفخر الانتماء الوطني.
من شاهد مباراتنا الأخيرة التي أمام المنتخب الارجنتيني ضمن البطولة الرباعية المقامة حالياً في المملكة العربية السعودية والتي انتهت بخسارة منتخبنا بأربعة أهداف نظيفة كانت قابلة للزيادة وبأداء عشوائي وروح استسلامية غير معتادة سيدرك بلاشك إننا في مرحلة (أزمة) حقيقية تتمثل بغياب الثبات والجرأة والثقة بالنفس وانهيار كامل لروح التحدي وكان اللاعبون ارتدوا ثوب الاستسلام والرهبة على الرغم أن البطولة استعدادية والمنتخب الأرجنتيني رغم شهرته العالمية إلا أنه هو الآخر يمر في أوقات عصيبة ومرحلة تجديد ولديه نقاط ضعف كثيرة كان يمكن للاعبينا بقليل من التشجيع والترويض النفسي أن يكونوا أكثر خطورة وتأثيراً أو على الأقل أن يكونوا نداً ويتركوا بصمة مميزة في أذهان الجماهير العربية والعالمية التي تابعت اللقاء. المباراة ذهبت بنتيجتها وفائدتها لصالح المنتخب الارجنتيني التي جاءت له خير إعداد قبل مواجهة المنتخب البرازيلي بينما منتخبنا أجزم إنه حصد أي فوائد فنية سوى ضغوط وانتقادات وربما فقدان ثقة ببعض اللاعبين الذين وجدوا انفسهم مقيدين بتكتيك المدرب الدفاعي وعشوائية التوظيف داخل الملعب.. وهو مايتطلب التريث بالحكم على اللاعبين والبحث عن أسباب ذلك الاداء المتردد والمقيد .
مانخشاه حقاً أن يكون المدرب كاتانيش لايدرك شخصية وطبيعة اللاعب العراقي ولم يجر إطلاعه على مفاتيح إعداده النفسي والذهني وعشقه للتحدي وأن تاريخه ومكانته وإمكانيات لاعبيه الفنية والتي لخصت بلقب(اسود الرافدين) استحقاقاً لايمكن أن يجد نفسه فجأة وهو مقيد بسلاسل تكتيكية وجرعات من محاضرات تزرع الخوف والتردد من المنافسين تتجاوز حدود (الحذر الايجابي) وكأنه يحمل فكرة أن المنتخب الذي يشرف عليه هو منتخبات الدرجة الثانية الاسيوية!
لابد من التحرك سريعاً من قبل اتحاد الكرة والجهاز المساعد المحلي في جلسة مصارحة مع كاتانيتش من أجل إطلاعه على الجوانب الخفية التي تساعده في قيادة الأسود وإطلاق كل امكانياتهم الفنية ومنحهم الثقة في التحرك والتصرف ولا بأس في عرض نماذج من أشرطة لمباريات سابقة وآخرها مباراة المنتخب الاولمبي مع الاولمبي البرازيلي التي انتهت بالتعادل على أرضه وبين جماهيره المرعبة وفي أكبر محفل عالمي ..وليكتشف بنفسه إنه (غافل) عن أهم ورقة مربحة وجوهرية يمتلكها بين يديه ويوشك على فقدانها!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram