علي حسين
أراد المصري صنع الله إبراهيم أن يقدّم شهادته عن عالم عبثي، فاختار أن يكتب روايته المثيرة"اللجنة"يرسم لنا فيها صورة قاتمة لعالم عبثي كانت فيه اللجان المضحكة نموذجاً يحكم العديد من بلدان العالم، فيما يخضع بطل الرواية لعملية"غسل دماغ"، لقد استغرق الأمر منه سنوات حتى فهم معنى العبث الذي يصرّ البعض على أن يفرضه على الناس.
بالأمس تذكرت المتاهة في رواية صنع الله إبراهيم، وأنا أقرأ الخبر المثير للجدل الذي يقول:""تم إكمال الفرز الإلكتروني للمتقدمين لمنصب وزير، وتم اختيار أفضل 601 مرشح، وأن لجنة الخبراء بدأت بدراسة الطلبات لتحديد أفضل المترشحين"
في"اللجنة"يحاول بطل صنع الله إبراهيم أن يُعلّم أهل المدينة أن حقوق الإنسان مسألة تستحق أن يُقاتَل من أجلها، وأن القوانين ليست منزَّلة من السماء، يحاول أن يفتح أعينهم على أنّ"الشعوب من دون حريّة لا يعود لها وجود.. ولهذا تحاول الحكومات الفاشلة أن تنوع المحظورات وتتنافس في سنّ قوانين خاصة بها، وأن ترفع سيف الفضيلة والدين في وجه من يعترض على الخراب، وان تعلن انها في غزوة"ايمانية"لمواجهة الالحاد!!
هل تريدون أن نقارن، أرجوكم بلا مزاح، في كلّ يوم نسير عكس اتجاه العالم، لكننا في الصباح نشكو المؤامرة الإمبريالية التي تقف بالضد من رفع الأزبال عن شوارع بغداد، ونشتم الماسونية لأنها تسببت في ضياع أموال الكهرباء، كل ما نحن فيه مؤامرة تحتاج الى لجنة من الخبراء لايعرف المواطن المسكين لونهم وطعمهم ورائحتهم.
أرجو ألّا يظنّ أحد أنني أحاول أن أعقد مقارنة بين دولة تحترم عقول مواطنيها، ودول للأسف"تسرّح"مواطنيها باللجان.
يتكرر المشهد وتتكرر معه اللجان على مر 15 عاما دون أي تغيير، مجرد إضافات جديدة، ألم يخبرنا المالكي عام 2010 أنه شكلّ لجنة لاختيار الوزراء الكفوئين، ونسي أن يضيف الى قائمة الاختيارات،الفشل والفساد والحسوبية وسرقة مستقبل المواطن، وتقريب الأصحاب وطرد الكفاءا، وإحالة الملفات الى لجنة متخصصة، والمتخصصة تحيلها الى مهنية، اليست اللجان هي التي مكنت عديلة حمود من ان تتربع على كرسي وزارة الصحة، وتسلم وزارة التخطيط الى"البروفيسور"سلمان الجميلي،ومعها التجارة.
لقد أظهرت تجربة العديد من دول العالم المتطورة كيف يمكن إقامة العمران والرفاهة والعدالة الاجتماعية،، من دون لجان"شبحية"بل حتى من دون خطب، في حين لاتزال بلاد الرافدين تنتظر ما ستقرره لجنة الـ"601"وزير.