عدوية الهلالي
قبل مغادرة مقاعدهم الوزارية ، لجأ بعض الوزراء الى استحصال الموافقة على عقود تخص وزاراتهم بهدف الفوز بعمولات ضخمة تضمن لهم إتمام جمع (الخميرة) التي بدأوا بجمعها منذ بلوغهم مناصبهم الوزارية لتضمن لهم العيش الرغيد في حال خروجهم من الوزارات ومن العملية السياسية برمتها ..لهذا السبب ، طالبت رابطة الشفافية رئيس الوزراء المنتهية ولايته الدكتور حيدر العبادي بالغاء تلك العقود لأنها وسيلة واضحة من وسائل الفساد ، فلم يكتف هؤلاء الوزراء بمادخل جيوبهم خلال فترة استيزارهم من أموال عن طريق ابرام العقود وعبر عشرات الوسائل المبتكرة الأخرى لذا حاولوا استغلال مناصبهم لآخر رمق والحصول على ملايين الدولارات لكي لايودعوا وزاراتهم وداعا حزينا فقد كانت بالنسبة لهم باب الفرج الذي ضمن لهم مستقبلهم ..
من هنا ، يحاول رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي ابتكار طريقة جديدة لاختيار كابينته الوزارية بفتح باب الترشيح لكل من يجد في نفسه الكفاءة لشغل منصب وزاري من العراقيين ، وهو يحاول بذلك الخروج من مأزق قبول مرشحي الكتل السياسية التي تعتبر المناصب الوزارية استحقاقا لابد من الاستحواذ عليه ، أو الإبقاء على بعض الوزراء ممن يظنون أن اداءهم الوزاري كان جيداً ، وعلى الرغم من كون هذه الخطوة جريئة وتحمل سمة ديمقراطية محببة إلا أنها لن تحظى بتأييد الكتل والاحزاب على الأغلب فالمناصب الوزارية بالنسبة لهم هي مكاسب سياسية وأبواب رزق مغرية ..
ومن هنا أيضاً ، تزداد مهمة عادل عبد المهدي صعوبة وتعقيداً وتحتاج منه الى إصرار على متابعة برنامجه الذي يبدو انه لايخضع لضغط حزبيأ توجيه خارجي ، فهو يلجأ الى سبيل التكنوقراط والكفاءة كمعيار لاختيار وزرائه وهذه المحاولة لن تمر بالسهولة التي يتوقعها عبد المهدي وينتظرها منه الشارع العراقي لأن الضغوط والمساومات وربما النزاعات خلف الكواليس لابد وأن تكون قد بدأت منذ الآن خاصة وإن الفترة الزمنية قصيرة ورئيس الوزراء الجديد جاد في اغلاق منافذ ( الزحف) نحو المناصب عبر المرور بدهاليز الاتفاقات والصفقات الخفية ، فالكل يسعى الى جمع ( خميرته ) الخاصة من بلوغ المناصب، والكتل والأحزاب تحتاج الى مواقع تنفيذية في الدولة لتحقيق منافع أكبر ..
خلف هذه اللوحة التي تحوي ألواناً غامقة تدل على اليأس والوانا فاتحة تدل على الأمل ، يقف المواطن العراقي ، وبعد انتظار عقد ونصف ، لينتظر كعادته بوادر الحكومة الجديدة محاولاً أن يعد نفسه بتغيير الأحوال فقد وصل حاله الى أسوأ مايمكن الوصول إليه ، وبعد أن جرّب كل شيء من ممارسة لحقه الانتخابي ومشاركة في التظاهرات وانتقاد بصوت عال ولم تتغير أحواله ، لم يعد أمامه إلا انتظار ماستسفر عنه حكومة عبد المهدي وبرامجه المبتكرة متمنياً له الصمود بوجه الطوفان القادم ..