إياد الصالحي
أختتم "سوبر كلاسيكو" البطولة الرباعية الدولية مواجهاته الساخنة الأربع أمس بنجاح باهر يُحسب للاشقاء بعدما قدّموا لنا تنظيماً خلاّباً بتفصيلات إدارية وفنية عالية المستوى لتكون تجربة مهمة يحرصون على نقلها لكل العرب أملاً بأن تُعزّز بأحداث كبرى في المستقبل القريب بما يجعل المملكة العربية السعودية وبقية الدول قبلة العالم للتنافس في كرة القدم والرياضات الآخرى في أفضل الأجواء الجماهيرية والإعلامية مع حُسن الإقامة.
وبرغم طيّ صفحة البطولة وما استنبط منها المنتخب الوطني ومدربه كاتانيتش الدروس اللازمة لتفادي الأخطاء المزمنة في الفترة القادمة قبيل التوجّه الى الإمارات لخوض مواجهات أمم آسيا بدورها الأول في كانون الثاني 2019، إلا أن ما جرى من لغط بشأن موقف اتحاد كرة القدم من حجب رغبة مسؤولي الكلاسيكو في دعوة وزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان وتهميش صلاحيات اتحاد الإعلام الرياضي لئلا يتبنى تسمية الوفد الإعلامي الرياضي المدعو للبطولة بمبادرة رئيس الهيئة العامة للرياضة المستشار تركي آل الشيخ والذي تناقلت عنه الأخبار هنا في الرياض سعيه الجدّي لوضع كل المنشآت والمستلزمات والدعم اللوجستي في خدمة رياضيي وإعلاميي العراق، وتنمية العلاقات الثنائية بشكل متميّز لا تحدّه أية مشكلات أو صعوبات طالما أن الرغبة صادقة ومشروطة بصفاء النية العراقية!
وهنا بيت القصيد، إذ تبدو خلافاتنا الشخصية وكواليس مآربنا مفضوحة لدى الآخرين أكثر مما يعرفه أبن البلد، وذلك نتيجة استسهال نشر الغسيل والتزمُّتْ بالموقف وإفشاء أسرار شؤوننا المحلية كحالة طبيعية لدى البعض ممّن يحمل صفة المسؤول، وهذا أمر خطير ينبغي التحقيق فيه، فليس من اللائق أن نقحم أنفسنا في شأن تنظيمي سعودي يرى في دعوة الوزير أو وكيله أو رئيس اللجنة الأولمبية أو أي عراقي مُعرّف بمهمة رسمية جزءاً من بروتوكول الضيافة المعتاد في مثل هكذا مناسبات، فذلك يعطي الانبطاع السلبي عن عدم التوافق فيما بيننا حتى خارج حدود الوطن، وبالتالي يجب أن ندرك إنه لا دخل للأشقاء بما نختلف عليه في الداخل.
مَنْ مثّل اتحاد كرة القدم هنا في البطولة يعي جيداً ما نتحدّث به، ولا جدوى من النفي أو تصوير الأجواء وردية تماماً، نريد اتحاداً بوجه واحد لا وجهين، فهيبة أي مسؤول في الدولة العراقية يجب أن تكون مصانة ومحترمة ومقدّرة، ولا يمكن لنا إلا أن نضعه في الاعتبار الأول، تماهياً مع الاحترام ذاته الذي يُبديه الاشقاء، وكان لحضور الوزير عبطان فرصة كبيرة لإذابة الجليد مع اتحاد اللعبة لو جرت سياقات الدعوة الرسمية مثلما خُطط لها مسبقاً، لكن (فيتو) الاتحاد المعزّز بسحب الوفد الرسمي من البطولة -مثلما أكد مصدر وثيق الصلة بها- أحبط الرغبة السعودية لمقابلة الجميل العراقي في يوم البصرة بجميل أكبر في الرياض.
تلك الحقيقة التي لا يحجبها غربال تصريح رئيس الاتحاد أو أحد الأعضاء الذي بررّ غياب وزير الشباب والرياضة بعدم وجود الدعوة أصلاً، متناسياً الأيام التي سبقت إنطلاق البطولة وحالة الشدّ والجذب بين الوزارة والاتحاد عن أيهما المعني بتسهيل إجراءات دعوة العراق للبطولة خاصة الوفد الإعلامي الذي حُدّدَ عدده بـ 100 شخص حسب رغبة المستشار آل الشيخ، أي أن الانقسام بائن منذ البداية بصورة سيئة لا تُعبّر عن وجود تفاهمات بين المؤسسات الرياضية العراقية وهو الانبطاع الأكثر إيلاماً لدى الاِشقاء ويثير استغرابهم حدّ الشفقة لما بلغه مصير التناحر على المواقع وأثبات الوجود والتحدّي وكل المفردات العاكسة لمعنى الاستفراد بالمصالح المؤسساتية على حساب سمعة العراق.
لهذا يبقى درس كلاسيكو الرياض أمثولة أمام قادة الرياضة في حقبة الحكومة الجديدة لفرض المزيد من الضوابط المُحكمة وسياسة العمل الإداري المركزي لمنع المساس بهيبة الدولة من خلال عرقلة مهام وزير الرياضة أو التدخل في شؤون ذات صلة بواجبات تتمّم ستراتيجية التعاون مع السعودية وغيرها تحت أي مسوّغ، كما يتطلب من الاتحاد العراقي للإعلام الرياضي دوراً أكبر في حماية مصالح المنتمين لهيئته العامة المترقبة لانتخابات كانون الأول المقبل، لا يمكن السكوت عمّا جرى من سحب عَمدْ لصلاحياته أو الأدق تهميشه برغم كونه الراعي الرسمي لكيان المهنة التي غدت (ترانزيت) عند بعض الطارئين للمشاركة في أية مناسبة خارجية أو قضاء فترة استجمام دون أن يسألهم أحد: لحظة من فضلكم أين تكتبون وماذا تقدّمون؟!