عبدالله السكوتي جاءني (احميد الفهد) بعد غياب طال امده بعض الشيء، فقلت له: لقد غبت طويلا وتساءلت عنك كثيرا، وظننت انك من مرشحي الحكومة المقبلة، واخذك الزحام والمؤتمرات التي لها اول وليس لها آخر،
وعدت ثانية اقول: ربما هو من مقدمي الطعون ويبحث حاليا عن اصواته التي رميت في سلة المهملات، فقال: كلا لاهذا ولاذاك، لقد شغلني روتين الدوائر الحكومية الذي لايطاق، تصور (سلفة) للمتقاعدين بثلاثة ملايين دينار (عراقي ها) ، دفعت من اجلها تصويرا للاوراق الرسمية (بذاك الحساب)، انه روتين ممل وقاتل ، ولافرق بين دوائر الامس ودوائر اليوم ، قلت له: اذن فقد تسلمت الملايين الثلاثة وانت الان من رؤوس الاموال، ومن الممكن ان تستثمرها ولاتحتاج سوى مكتب بسيط لتفوز بأحد العطاءات ، ضحك ملء شدقيه وقال: اتسخر مني، قلت: معاذ الله ولكن دعنا من استثماراتك واخبرني عن تشكيل الحكومة ومتى سننتهي من هذا الامر؟. رد علي بسخرية لاذعة وهو يقول: كأنك معلم الصبيان الذي سألهم من حفر البحر؟ قلت: وماقصة هذا المعلم المسكين الذي ربما فقد عقله بسبب مشاكسات التلاميذ؟ فقال: روى احدهم انه مرّ بمعلم للصبيان يضرب احدهم ويقول له: والله لاضربنك حتى تقول لي من حفر البحر؟ فقال له الرجل المار بقربه: اعزك الله ، والله لا ادري انا من حفر البحر فقل لي كي اتعلم انا ايضا، فرد المعلم عليه : حفر البحر كردم ابو آدم (عليه السلام). وعقب (احميد الفهد) على الامر قائلا: اتريدني ان اجيبك كما اجاب المعلم، ام نبقي المسألة على ماهي عليه وننتظر، قلت له: بل نحاول ان نسلط الضوء على حظوظ التحالفات الجديدة والتي ستظهر قريبا على وجه اللوحة، ولا اعتقد ان تشكيل الحكومة امر مستعص، وانما هي اتفاقات وتحالفات ستفضي في النتيجة الى حل يرضي جميع الاطراف.قلت له: اتعتقد ان بعض المعادلات ستتغير ، فقال : نعم ولايمكن حساب الامر ببساطة ، فمن الممكن ان تتغير التحالفات مع معادلاتها مرات عديدة لتستقر اخيرا، وجهات نظر متعددة واهداف مختلفة من كتلة الى اخرى، اضف الى ذلك المؤثرات والقوى التي تضغط بالاتجاه الذي يمثل مصالحها ، ودعني اذهب لانني مازلت مأخوذا بفرحي، ثلاثة ملايين ثمرة التغيير بالنسبة لي، وستنتشلني من كثير من الهموم.غادرني فرحا بملايينه الثلاثة ، يبحث عن استثمار مناسب لها، صرخت خلفه بصوت ممتلئ بالحسرة (دير بالك من النصابين، فالساحة مليئة بهم) ، فرد مزهوا بما يملك سأغني من هنا الى بيتي وساختار اغنية محمد القبنجي (غنيه) وردد بعدها عاليا:(غنيه ياغنيه/ كيفي صارت حريه غنيه اسمعي مني/ واخذي الاغاني عنيواللي بعمره ميغني يتيه بوسط البرّيه). لقد ابقاني بحيرتي ابحث في الحدث الاكثر اهمية في حياة الشعب، وانا اضرب اخماسا بأسداس، مرة اضيف التسعين الى الاربعين واخرى اضيفها للخمسين ومرة اضيف التسعة والثمانين للثلاثين، ومرة اكون كتلة واحدة في خيالي تتألف من (325) مقعدا وعندها ارتبك في توزيع المناصب والوزارات، لم انتبه لنفسي الا بعد صراخ شرطي المرور (يمعود دير بالك، انت مارايد روحك)، انتبهت اليه وانا اقول: تشكيل الحكومة... تشكيل الحكومة؛ ظن الرجل انني اهلوس فتركني وخف الى عمله، ضحكت وقلت: (عساهي ابخت وابحظ الخبلونه).
هواء فـي شبك ..من حفر البحر ..؟
نشر في: 23 إبريل, 2010: 08:42 م