علي حسين
في الأيام الأولى من تولي حيدر العبادي رئاسة مجلس الوزراء، كتبت في هذا العمود إنني أتمنى على رئيس الوزراء، أن يصغي للمواطنين، وليس لعلي العلاّق، و”التكنوقراط”وليد الحلي، وقبله بسنوات كتبت عن المالكي الذي لم يكن يسمع سوى صوت حنان الفتلاوي وحسن السنيد. ولأنني مثل غيري كنت ولا أزال أشعر بأن معظم الذين تسلموا منصب رئاسة الوزراء بدءاً من علاوي وانتهاءً بالعبادي ومروراً بالجعفري والمالكي كانت مشكلتهم في مجموعة من المستشارين الذين يسخّرون المنصب لمصالحهم الشخصية ويعتبرون الانتهازية مكسباً، والكذب سلاحا.
ورغم أن النصائح والمناشدات ليست من شأن صحافي”ضعيف"، فقد كنت أعيش في حالة من التمني في زمن الهتافات الطائفية والشعارات”الثورية”وأناشيد”يلاكونه لو بيهم زود".. في زمن يرى فيه البعض من”صبيان السياسة”أنّ إرضاء الناس عيب وجريمة.
اليوم نعرف جميعاً أن الظلم لا يحدث إلا في ظل أنظمة لا تسمع سوى صدى صوتها، ولا يعود هناك متسع إلا لإحصاء عدد الخطب والأهازيج، لا يعود مهمّاً عدد القتلى والجرحى والمهجرين والخائفين من المستقبل، لا يعترف السياسي الفاشل، إلا بمن يهتف باسمه، لأنّ كل ما عدا ذلك يصبح غير مهم.
اليوم ونحن على أعتاب تشكيل حكومة جديدة، قيل لنا إنها ستخرج من معطف المحاصصة، وتقول كواليس الغرف المغلقة، إن الاحزاب التي تصرخ في الفضائيات وتلطم ضد المحاصصة والطائفية، تُصر في على أن لاحكومة من دون تقاسم الحصص. اليوم يدرك العراقيون جيداً أنّ المستقبل يمكن أن يئدَ الماضي،ولكن بشروط أولها أن نتذكر معاناة المشرّدين والضعفاء والمعوزين، والأطفال الذين تركوا أمنياتهم في مدنهم ولايزالون يأملون العثور عليها، وأن يدرك السيد عادل عبد المهدي جيداً أن الفساد لايزال متغلغلاً في مؤسسات الدولة وعند رجال السلطة الذين حوّلوا العراق الى بؤرة من بؤر الرشوة والإثراء السريع غير المشروع. وقد ضيع العبادي فرصة الوقوف في وجه كل السرّاق وتقديمهم للعدالة.
ثمة شيء أكثر بشاعة من القتل في السياسة، الفساد. ولهذا نجد ان للنزاهة قاعدة واحدة لا تخطىء، إما العيش إلى جانب البسطاء، وإما بنوك دبي وبيروت وطهران. ولطالما شاهدنا مسؤولين تأخذهم نوبة من الدروشة، حين يتم الحديث عن الفساد وسرقة المال العام، مرّات كثيرة نسمع ونشاهد نواباً يُخرجون الدستور من جيوب جببهم ويصرخون ضد كل من يطالب باحترام حقوق الآخرين، أو لأنّ البعض يريد أن ينتصر لحقّ العراقيين في العيش بمجتمع يحترم خياراتهم السياسية والفكرية والاجتماعية، ويوفر لهم الرفاهية.