TOP

جريدة المدى > سينما > حينما تكلم كفر ناحوم ‏

حينما تكلم كفر ناحوم ‏

نشر في: 24 أكتوبر, 2018: 07:41 م

سنان باسم 

لم يدر في بالي أن أجلس مجاوراً للبنانيين ، ‏لأشاهد في بيروت رائعة نادين لبكي " ‏كفرناحوم " ، أي رائعة أتكلم عنها ولماذا ؟ ‏، حسناً للكلام بقية غالبة التأثير ، بداية الفيلم ‏من منظر علوي بطائرة " درون " ‏لكفرناحوم ، وهو مخيم بائس واحد أحياء ‏بيروت ، تقطع الصورة على محكمة لطفل ‏يقوده شرطي ،وينادي القاضي على زين ، ‏الطفل زين هو بطل ومحور الفيلم ، كما ينادي ‏القاضي على والدي الطفل ، ويسأله ( لماذا ‏تريد أن ترفع عليهما قضية ) ، الاجابة ‏صادمة ومحيرة في آن واحد : لأنهما ‏انجباني ، تنطلق نادين لبكي من هنا نحو ‏ملحمتها الاجتماعية الصامتة ، فالحوار ندر ‏وقعه وشح ملمسه في مساحة الفيلم المتنوعة ‏، ليبدو لنا أن ماجال في ذهن لبكي ، عكسته ‏تصورا ًوتنفيذاً بعد سنين الكليبات ، في ‏تفاصيل كفر ناحوم ، انطلق الفيلم ليروي ‏قصة مأساوية مزكرشة بلمسات ترقب وفرح ‏وكوميديا ، تبدأ من شقة بائسة يقطن بها ‏زين مع عائلته الكبيرة والتي تكبرها اخته ، ‏حيث المنام والمأكل والجلسة في مكان واحد ‏، كتب عليهم الشقاء فيه جراء كسل أب ‏لايعرف غير الأكل والنوم والانجاب ، ‏ليضطروا الى العمل في بيع أي شيء متاح ‏من أجل إعالة الأسرة الفقيرة ، الفيلم الذي ‏تضمن السب والشتيمة القاسية ، تلقته ‏الاسماع بشكل عادٍ في قاعة السينما إلا أنا ‏باعتباره جزءاً صعب التفسير ، لكنه بات ‏يسيراً كونه من المسلمات المجتمعية ، ‏والذي أعطى صدقية في الحوار نقدها في ‏مجمل أعمالنا بسبب تغليب المثالية على ‏الواقعية .‏
تجرك القصة الى شأن أخر ، حيث صاحب ‏الدكان الذي يحاول استدراج اخت زين ، من ‏أجل خطبتها والزواج منها ، حيث يدرك زين ‏مآربه الدنيئة ، ويقف عائقاً لتزويج أخته ‏القاصر من شاب بالعشرين من عمره ، لكن ‏الأمر يذهب في النهاية الى الزواج ، من أجل ‏المال ولاغير ، ليهرب الصبي الى بيت جدته ‏معرباً عن رفضه وامتعاضه ، وهنا تتغير ‏تفاصيل حياته إذ يركب الباص ، وفي ‏الطريق يتعرف على الأشخاص المتنكرين ‏بزي " سبايدر مان " لكنه طاعن في السن ‏مايجعله مثاراً للضحك والجدل ، وليتضح أنه ‏يعمل في مدينة ألعاب على ساحل الروشة ‏الشهير ، ماجعل زين ينزل خلفه ليتعرف ‏على حياته ، وهناك يتعرف على عاملة ‏أثيوبية كانت تعمل خادمة في وقت مضى ، ‏لكنها تضطر لترك عملها السابق بعد أن ‏انجبت من البواب بشكل غير شرعي ‏مااضطرها للهروب ، لتبدأ قصة أخرى من ‏رحم معاناة أقسى ، تفاصيلها تبدأ من بيت ‏من صفيح تسكنه العاملة الاثيوبية ، وهنا ‏تقصدت لبكي في إظهار الجانب اللا إنساني ‏الذي تعيشه العاملات الاجنبيات في بيروت ، ‏بالاضافة الى معاناة الاندماج والعمل ، ‏ليسكن الطفل زين في هذه الخربة ، وليعتني ‏بطفلها بعد أن جعلته يعيش معها لتكون ‏المنفعة متبادلة ، وليستمر الأمر عمل في ‏الصباح وأخر في المساء من أجل جمع المال ‏والهرب من لبنان ، لكنها تقع في قبضة ‏القانون ، بعد أن إتضح أن أوراقها الثبوتية ‏مزورة ، لنصل الى أقسى لحظات الفيلم ، ‏وهي الانتظار بالبيت والتجوال والبحث بعد ‏ذلك عن الأم الاثيوبية التي تركت ابنها ‏الرضيع مع زين ، وهنا تسمع حسرات ‏المشاهدين واندماجهم ، وإن التفت اليهم ‏لوجدت دموعا ًتنساب بلا شعور ، وليصل ‏الفيلم الى نهايته التي تذهل من لديه ذائقة ‏جمالية ورؤية فلسفية للسينما ، إذ تقصدت ‏لبكي في وضع إبتسامة كاذبة على وجه ‏الصبي ، لتوصل رسالة بأن صعوبة العيش ‏وأزمات الحياة ، تنسيك حتى الابتسامة وإن ‏فعلت فلانها كذبة لا أكثر .‏
تجربة نادين تستحق أن ترى أوسكار لأفضل ‏فيلم أجنبي ، وتحاكي واقعية إيطاليا الجديدة ‏برؤية حديثة ، تقاس على قصر الكلام ‏وجزالة التعبير ، وما أجمله من هدف منشود ‏‏.‏

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram