طالب عبد العزيز
أن يترك رئيس وحدة إدارية، محافظ، رئيس مجلس، قائمقام ... مدينته منكوبة، مفجوعة بالماء المالح، وتعاني من نقص في الخدمات وتعطيل كامل في قطاع الزراعة، وسط مشاكل إدارية وفنية أخرى في المدارس والطرق والسكن والازدحامات ووو ويذهب ماشياً، لزيارة الأربعين، فهذا ما لا يرتضيه الحسين(ع) نفسه، فهو القائل( إنما خرجت للإصلاح) وهي عبارة جامعة، المراد منها مصلحة ومنفعة الناس. وفي المقابل من ذلك، أن يترك النائب (عدي عواد قاسم) كرسيه في البرلمان، ليعمل ويشرف بنفسه على عمليات تصليح المضخات والمعدات في محطة الـ R.0 ونقل الأنابيب من المخازن الى موقع العمل، من أجل التسريع في ايصال الماء العذب من قناة البدعة ومد خطوطها الى أهله وناسه في القرى اليابسة، التي تشكو العطش منذ أربعة أشهر، فهذا ما يريده الحسين ويرضاه الله ويستحسنه الناس.
كان محافظ البصرة السابق ماجد النصراوي قد انفق 80 مليون دينار على لوحة أصر على تعلقيها في قاعة الاجتماعات، خُطَّت عليها آية الكرسي، وهو الذي حرص على رفع شعار (لبيك يا أبا الأحرار) في واجهة المبنى الحكومي، وهي حكومته منذ العام 2004 الى اليوم من حرص على تلحيفّ مبنى المحافظة بمئات الامتار من القماش الاسود، ورفع الرايات الحسينية، داخل وخارج المبنى، لكننا، انتهينا في النتيجة الى محافظ سارق ورئيس مجلس متهم بتعاطي الرشا، مسجون الآن، مع ومجموعات سياسية وحزبية أخرى، متمسكة بعجزها وخورها، لم تمنح الفرصة لبعض الاعضاء الجادين، الغيورين، الحريصين على مصلحة مدينتهم، وها نحن نشهد ضياع البصرة بين فريق حزبي، غبي، فاسد، لكنه متنفذ ويملك القرار، وبين أقلية حقيقية، وطنية ومخلصة لكنها لا تملك القرار، ظلت أسيرة التوزيع الحزبي السخيف، الذي أورثنا التخلف والفساد والخراب وضياع المال والجهد.
لكن، بعد المقدمة السيئة هذه، لابد لي من أن أتفاءل وأبشر بولادة مدينة أخرى، اسمها البصرة الجديدة، فالاخبار ترد جميلة، مطمئنة من خلال الجهود والهمم التي يبذلها أبناؤها، إذ أن مشكلة المجاري التي ترمى في أنهر المدينة الثلاثة (الخندق والعشار والخورة) في طريقها الى الحل على أيدي الجهد الهندسي التابع لأبناء الحشد الشعبي، وهناك أخبار جميلة أخرى عن عقود كبيرة لإصلاح منظومات شبكات نقل ماء الإسالة وكذلك يجري الحديث عن استقدام شركات عالمية للعمل في شبكة مجاري البصرة. هناك لجان شعبية، من خارج تكوين الحكومة، أشركت في عمل الحكومة المحلية، فهي تقترح وتشارك وتعمل، وهذا ما لم نلمسه في عمل الحكومات السابقة، وسيأتي اليوم الذي نسمّي فيه الناس الحقيقيين، الذين يعملون في السر والعلن، مختفين خلف بذلات العمل والمواقع الفنية أو متحلقين في صالات الاجتماعات والمؤتمرات، كل يتحدث بطريقته الخاصة عن حاضر ومستقبل المدينة، نقول ذلك لأننا سنسمي الآخرين، الذي سرقوا وتآمروا وخانوا الأمانة التي أوكلت لهم، فهذه مدينة، تأريخٌ لا يغفل شيئاً.