علي حسين
من"داخليّة"فالح الفياض إلى"ثقافة"حسن طعمة، مروراً بـ"عدل"أسماء سالم التي أعظم مؤهلاتها أنها عملت ست سنوات في وزارة النفط، والمؤهل الأعظم أنها شقيقة أحد القادة السياسيين، كنتُ أتصوّر حتى اللحظة الأخيرة أنّ الأمر لا يعدو أن يكون نكتة أو محاولة لكسر ملل المواطن العراقي الذي ظلّ ينتظر الفرج كلّ هذه السنوات، غير أنه بات من الواضح أن منطق"المحاصصة"والضحك على عقول العراقيين، لا يزال حاكماً في حياتنا.
فالحكومة قررت في صحوة"مفاجئة"أن تُكرّم الثقافة والمثقفين، ولهذا كان لابد أن تضع لهم وزيراً كلّ مؤهلاته أنه ناشط في مجال حقوق الإنسان، مثلما كلّ مؤهلات وزير الشباب والرياضة الجديد أنه أقارب"المناضل"في مجال"خمط"الأموال جمال الكربولي!، وكأننا لم نبرح بعد النظرة الدونيّة التي تنظرها الكتل السياسيّة إلى الثقافة والشباب.
وكأننا نقول لكل المثقفين العراقيين ومعهم ملايين الشباب من العراقيين إنكم لاتستحقون وزيراً تختارونه بأنفسكم، سيخرج البعض معترضاً ويخبرنا أننا لم نعرف الوزير بعد، لكن يا إخوان كما يقول المصريون"الجواب معروف من عنوانه".
للأسف كلّ القوى السياسية، من دون استثناء، تنظر إلى المثقفين، كمجموعة من عبيد إحساناتهم، بل أدنى من ذلك. فالمثقف كائن غريب، لا يحق له الاعتراض. والمثقفون في نظر القوى السياسية مجرد مجموعات من الأسرى والتابعين، مطيعين ومستجيبين ومنفّذين لكلّ ما يطلب منهم
للأسف سياسيونا يضعون أصابعهم في آذانهم حين تعلو أصوات المثقفين مطالبة الاهتمام بالثقافة، لأنّ وحوش المحسوبية والبيروقراطية والمحاصصة الطائفية دائما ما تجهض أحلام العراقيين.
لماذا كان الاستغراب إذن من حميد الهايس عندما قال أنا أفضل من يصلح لكرسيّ وزارة الثقافة، ونحن نعيش اليوم في ظل ساسة يؤمنون أنّ خبرة فالح الفياض فاقت حتى المرحوم"شارلوك هولمز"في علمه؟!
هكذا وجدنا من يصرخ ويفتح مزاد وزارة الثقافة ويتنافس على السخرية من أحلام المثقفين وطموحاتهم، مثلما وجدنا من يعتبر الشباب فئة ضاله لابد ان يستمعوا الى محاضرات الكربولي في فن"الشطارة".
في الأشهر الماضية قدّم لنا المصريون نموذجاً للساسة المتحضرين،، ففي لفتة جميلة اختار القائمون على الحكم أن تجلس عازفة الفلوت ومديرة دار الأوبرا الدكتورة إيناس عبد الدايـم على كرسي وزارة الثقافة، ونحن نسلم كرسي التخطيط الذي جلس عليه من قبل المفكر الاقتصادي طلعت الشيباني، الى"الاخوان المسلمون".