TOP

جريدة المدى > عام > موسيقى الأحد : زغردة الشيطان - Devill’s trill-

موسيقى الأحد : زغردة الشيطان - Devill’s trill-

نشر في: 3 نوفمبر, 2018: 07:45 م

ثائر صالح

هذا هو عنوان سوناتا الكمان التي ألفها الايطالي جوسبه تارتيني (1692- 1770)، والتي نالت شهرة واسعة ليس بسبب عنوانها المثير فحسب، بل لأنها واحدة من سوناتات الكمان الجميلة والأكثر صعوبة في تاريخ الموسيقى. يتطلب تقديمها مهارة عالية ودقة كبيرة في العزف، مثلا أداء الزغردة (الترعيش، ترل) على وترين.
قام عازف الكمان والمربي المشهور فريتس كرايسلر (1875 – 1962) بإعادة توزيع السوناتا حسب الذوق الرومانتيكي، للكمان والبيانو سنة 1913. وتوجد تسجيلات لكمان واوركسترا. السوناتا في الأصل كتبت للكمان مع مصاحبة أدوات القرار المستمر وفقاً لتقاليد عصر الباروك.
تبدأ قصة السوناتا هذه بحلم رأى فيه تارتيني الشيطان الذي جاءه ليقايضه روحه (على طريقة فاوست غوته) وبهره بمهارته في العزف على الكمان. والقصة كما يرويها المنجم الفرنسي جيروم لالاند على لسان تارتيني (في كتاب صدر سنة 1766):
"في ليلة من الليالي، في العام 1713، حلمت بأنني أقمت عهداً مع الشيطان وقايضته روحي. كل شيء سار كما اشتهيت: نفذ خادمي الجديد كل رغباتي. وكان من جملة ما طلبت منه، العزف على الكمان فناولته كماني. كم كانت دهشتي عندما سمعت سوناتا رائعة وجميلة عزفها بفن عظيم وبذكاء بارع، لم أكن أتوقع سماع مثلها حتى في أكثر جولات الخيال جرأة. شعرت بأنني أحلق وأطير مسحوراً: خذلني تنفسي، فأفقت. التقطت كماني على الفور حتى أمسك بشيء من تلابيب حلمي على الأقل. عبثاً حاولت، كانت الموسيقى التي ألفتها عندئذ هي أفضل ما ألفت في حياتي بالفعل، ولا أزال اسميها زغردة الشيطان، لكن الفرق بينها وبين تلك التي هزتني فائقاً من حلمي هو فرق هائل، حتى كدت احطم كماني وأودع الموسيقى إلى الأبد لو كان في وسعي العيش بدون الموسيقى والمتعة التي تقدمها لي".
ولد تارتيني في بيران في شبه جزيرة "إستريا"التابعة آنئذ لجمهورية البندقية (فينيسيا)، لكنها اليوم جزءاً من سلوفينيا. حصل على تعليم ممتاز فدرس الحقوق في بادوا وكان أبوه يود لو دخل ابنه سلك الرهبنة، لكنه كان متشبثاً بالحياة وبرع بالمبارزة. في الختام دخل دير فرانسيس في آسيسي، حيث تعلم العزف على الكمان.
استمع إلى عزف الموسيقار الكبير فرانشيسكو ماريا فيراتشيني في 1716 فقرر تعلم العزف على الكمان بصورة ماهرة واعتكف تماماً للتمرين فترة طويلة، خرج بعدها ليصبح أشهر عازف كمان في وقته. في 1721 اصبح قائد اوركسترا كاتدرائية سانت انتونيو في بادوا، وفي 1726 فتح مدرسة لتعليم الكمان جاءه للتعلم فيها طلاب من كل انحاء اوروبا.
ألف الكثير من الأعمال الجميلة للكمان (أغلبها كونشرتات أو سوناتات) والقليل من الموسيقى الدينية. كما اهتم بنظرية الموسيقى ولديه أبحاث ودراسات وكتب منشورة في التناغم (الهارموني) والظواهر الصوتية وتدريس الكمان.
موسيقاه متميزة، أنيقة وجذابة برغم تقنيتها وحرفيتها العالية، والتباهي بهذا الجانب الذي يستعرضه المؤلفون عادة يفسد احيانا الاستمتاع بالموسيقى نفسها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram