علاء المفرجي
تمر هذه الايام ذكرى ربع قرن على رحيل عبقري السينما الايطالية فيدريكو فيلليني، حيث فقدت برحيله هذه السينما احد اهم رموزها بعد الحرب العالمية الثانية.
وبفضله هو وعدد من رموز الموجة الايطالية الجديدة التي انبثقت منتصف الاربعينيات بعد نهاية الحرب الكونية، دخلت السينما الايطالية مرحلة جديدة في تاريخها، اهلها ان تقف في مصاف السينمات المتقدمة، بعد ان ظلت لسنوات طويلة تجتر المواضيع السطحية، حتى انها لقبت بسينما التلفون الابيض.
وفي هذه المناسبة كرمته روما بمعرض ضخم أشرفت على تنظيمه مجموعة من أصدقائه وتلامذته، ويضمّ مئات الرسوم التي وضعها بقلمه والصور والمجسّمات التي اعتاد على استخدامها في أفلامه التي قلّما خرج إلى الطبيعة أو المدن لتصويرها.
ولد فلليني في مدينة ريمي الايطالية وقضى فيها سبعة عشر عاما من عمره مطورا موهبة الرسم، ومنجزا بعض الرسوم الكاريكاتيرية، قبل ان ينتقل الى روما ليمارس مهنة الصحافة، قبل ان يضع القدر في مسيرة حياته الممثل ألدو فابريزي، والذي من خلاله دخل عالم السينما.
وبعد انتهاء الحرب دعاه المخرج الايطالي الشهير للمشاركة في كتابة نص فيلم وثائقي حول حياةكاهن اعدمه الفاشيون، وهو المشروع الذي سيقوده فيما بعد ومع روسلليني الى كتابة سيناريو اشهر كلاسيكيات السينما فيلم (روما مدينة مفتوحة) الذي اخرجه روسلليني. وقد كتب بعده سيناريو فيلم (بايزان) الذي وطد علاقته بفيلليني، ثم سيناريو فيلم (حفلة اضواء المنوعات)الذي سيخرجه صديقي البيرتو لاتوادا ، ثم مع نفس المخرج في فيلم (بلا شفقة). ويستمر مع صديقه روسلليني في فيلم (فرانسيس مضحك الرب) ، ثم مع اخر افلامه معه (اوربا 51) قيل ان يتجه الى الاخراج كمساعد مخرج للاتوادا.
لم يحظ فيلمه الاول (الشيخ الابيض) باهتمام النقاد، عكس ما حققه فيلم (المتسكعون) الذي نال جائزة الاسد الفضي في مهرجان فينسيا. ثم تتوالى افلامه التي كرسته كواحد من اهم مخرجي العالم: (الطريق) و (ثمانية ونص) و (المحتال)، و(الحياة حلوة).
واكثر من تظاهرة اقيمت بهذه المناسبة فقد أقيم في العاصمة الإسبانية مدريد معرضاً ل فيلليني يجمع 50 رسماً وسكتشاً ، وقد كان مهووساً بتصوير أحلامه بصورة أساسية، مثل الحيوانات البرية في السجن، والأنفاق التي تنهار، والسلالم والدراجات، وغيرها من المناظر التي احتوتها الأعمال المعروضة، وقد تسّربت إلى أفلامه وإعلاناته التجارية التي كان يخرجها.
ما يلاحظ على لوحات فيلليني في المعرض أنها يمكن النظر إليها من أكثر من زاوية، وهي ذات الطريقة التي استخدمها في كتابة سيناريوهات الأفلام التي قام بتقديمها، وقد اعتاد فيلليني أن يعرض الأحلام التي يراها في المنام من خلال أفلامه، ومن خلال رسوماته فكان لابد أن تجمع هذه الرسومات وتقدم في معرض خاص به، وهو أقل ما يستحق مخرج بقامته الفنية.
المخرج الإيطالي الراحل «فيديريكو فيلليني» استقى معظم قصص أفلامه من سيرته الذاتية، وقد قال في ذلك: إن كنت سأصنع فيلماً حول حياة شخص ما، فهي بالمحصلة ستكون حياتي.
ويقول عن نفسه: "إذا كنت أعرف شيئًا، فإني أعرف أني لا يمكن أن أكون شخصًا آخر. كل إنسان يعيش في عالمه المُتَخيَّل، ولكن معظم الناس لا يعون ذلك. لا أحد يدرك عالم الواقع، وكل يعتبر، في بساطة، أن تخيلاته الشخصية هيالحقيقة. الفرق بين الآخرين وبينى هو أني أعرف أنني أعيش فى عالم مُتخيَّل، وأفضله على هذا النحو، وأستاء من أى شيء يشوِّش رؤياي".