علي حسين
رغم قتامة الصورة في بلاد الرافدين، إلّا أنّ هناك أشياء تدعو إلى الفرح والسعادة. في يوم واحد فقط، تجمعت سحب البهجة في سماء العراق عبر مجموعة من الأخبار التي ستصنع مشهداً"رائعاً"لما يمكن أن يكون عليه مستقبل هذه البلاد، فإن يقرر ائتلاف دولة القانون ترشيح"البروفيسور"صادق مدلول محافظ بابل السابق لأن يتولى منصب أمين بغداد، ليستعيد أهالي بغداد معه أمجاد نعيم عبعوب وصراعه مع الصخرة. وإن يقرر مجلس النواب بعد طول نقاش وحوار، أن يضع النائب"المدني"حمد الموسوي في لجنة لنشر النزاهة في العراق، ليتسنى لنا نحن المغرمين بنظرية الموسوي الاقتصادية، ان ندرك خطأ نظريات ادم سميث وماركس وكينز، فحارس بوابة نزاهتنا حمد الموسوي ظل يقول إنه لولا متاجرته بالعملة من البنك المركزي العراقي، لما استطاعت الحكومة أن تدفع الرواتب للموظفين، وإنّ الأموال التي يحصل عليها من مزاد العملة،هي التي تضبط حركة الاقتصاد العراقي.
إذن نحن أمام مؤشر حقيقي على أن الانحياز"للمستقبل"صناعة برلمانية بامتياز، ولهذا لايهم أن تتقدم السيدة عالية نصيف أعضاء لجنة النزاهة باعتبارها المرأة التي حافظت على أملاك العراقيين من النهب، وأن يجلس الى جوارها"الخبير"في شراء الأصوات والذمم أحمد الجبوري الذي قال لنا بكل ثقة وهو يشتري الأصوات لتنصيب الحلبوسي رئيساً للبرلمان"آني شراي وأكو من يبيع صوته"!.
يتحدّث معظم السادة النواب، عن النزاهة، وهذه مسألة بحاجة إلى تحليل من خبراء علم النفس. لايوجد شيء واحد أكثر بشاعة من القتل سوى الفساد، لذلك هناك قاعدة واحدة للنزاهة، إما الدفاع عن حقوق الناس البسطاء، وإما الاتجار بالعملة في بنوك عمان وبيروت. وهناك شرط واحد النزاهة هو الإيمان بالوطن، وهذه قضايا لاتقبل استثناءات.
ليست هذه المرة الأولى التي يسقط فيها البرلمان بامتحان النزاهة، فقد فعلها قبل سنوات حين مهّد الطريق امام هروب فلاح السوداني، وحين صمت على سرقات وعمولات مشعان الجبوري، وعندما كافأ حسين الشهرستاني على ضياع مليارات الدولارات من عقود النفط والكهرباء، وغض النظرعن هروب ماجد النصراوي إلى أستراليا.
في كل مرة يجد المواطن نفسه على موعد مع أسوأ الخطابات التي تبرّر السرقة وتحلّل نهب المال العام، تلك الخطابات والهتافات التي هزج بها العديد من أعضاء مجلس النواب وهم يهتفون بنزاهة وأمانة قراراتهم الكوميدية!.