بغداد / سها الشيخلي يحيى القادم من اطراف بغداد (المحمودية) والبالغ عمره21 عاما كان يطوف في شارع السعدون حاملاً على اكتافه (حصيرة)  باحثاً عمن يشتريها، استوقفته وسألته عن سعر الحصيرة فقال ضاحكاً: الثمن الذي يناسبك، مازحته وقلت له ربما سرقتها من جارك فقال باستنكار:
لا ابداً انها خاصة بالبيت، ولكن امي طلبت مني ان اذهب بها الى بغداد لكي ابيعها واشتري لها بثمنها طعام الغداء وربما كان (نفر كباب) نتناوله نحن الاثنين، ذلك لاننا بلا مورد كما ان العمل صار عزيزا علينا، فاخذنا نبيع موجوداتنا، وهي بقياس 4م × 3م، ولولا الحاجة والجوع  ما فعلنا ذلك. وعن حياته أفاد يحيى انه قد ترك الدراسة وهو في الصف الثالث ابتدائي ذلك لأن الدراسة تحتاج الى متطلبات منها الملابس واسعار القرطاسية  وكان مجبرا على ذلك بعد وفاة والده الجندي المكلف في عام  2000م وانه من عائلة فقيرة وتعاني امه الأرملة من أمراض عديدة كما انها قدمت اوراقها الى شبكة الحماية الاجتماعية من أجل الحصول على راتب (شبكة الحماية الاجتماعية) ولكن من دون جدوى. الوثائق والاوراق المطلوبة والمراجعات العديدة قد اتعبتنا اضافة الى اجور النقل من المحمودية الى بغداد ومنذ سنة واكثر لم نحصل على جواب  من وزارة العمل كما لم احصل انا ايضاً على عمل لا في بغداد ولا في المحمودية ما جعلنا نبيع كل ما لدينا من اثاث ولم يبق لنا سوى القليل وحتى هذه الحصيرة لم اجد من يشتريها مني! اجبته من يشتري حصيرة مستعملة  والجديدة كثيرة في الاسواق؟ واخذ يتوسل ان اشتريها منه، ولكني اخبرته انني ذاهبة الى دائرة حكومية فكيف لي ان أحمل معي حصيرة؟ وبعد ان عرف بمهمتي توسل ان اجد له عملاً في اي مكان فقد تعب هو في البحث، ارشدته الى ان يذهب بالحصيرة الى سوق الهرج ليبيعها هناك حيث الحاجات المستعملة، وان يبحث له عن عمل (حمالا) في الشورجة القريبة من السوق المذكور، وأعطيته مبلغاً يوصله والحصيرة الى  سوق الهرج. هذا المشهد يتكرر امامنا ليؤكد ان البلد الغني شعبه فقير!.