TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة :جماليات الابتدائية.. آنذاك!

وقفة :جماليات الابتدائية.. آنذاك!

نشر في: 24 إبريل, 2010: 05:30 م

عادل العاملكان من " جماليات " الحياة المدرسية في الابتدائية أمورٌ كثيرة منها هرولة الواحد منّا صباحاً ليصل إلى المدرسة في الوقت المقدَّس و هو يجرجر حقيبته المثقلة بالكتب و الدفاتر و " ساندويج " الأم و يفرك عينيه من النعاس أو من التراخوما،
و الاصطفاف اليومي الثقيل على الروح و البدن في الساحةً، و تحية العلَم، و النشيد.. عشْ هكذا في علوٍّ..، و نجومية المعلم، و درس الاملاء الرهيب، و حصة المطالعة في مكتبة المدرسة المتواضعة الحال الخافتة الضوء حيث يحيط التلاميذ و التلميذات بمعلّمهم إحاطة أبناء أثينا بسقراط يغرفون منه المعرفة و الحكمة! هذا إضافةً إلى نظافة البيئة الطبيعية في المدرسة و ما يحيط بها، و حديقتها المزروعة باللوبيا و الخيار، أو بالزهور، في بعض المناطق المحظوظة، و رنين الجرس في أوقاته الواجبة الاحترام، و هيمنة الفرّاش الشمولية على تحركات التلاميذ و مصروفهم اليومي و طلبات المدرسة، و " شخطات " المدير الخرافية التي قد لا يعادلها في الرهبة غير وقوف البعض منا أمام أولياء الأمور في نهاية العام بنتائج لا تُسرُّ أباً  و لا صديقاً، في بعض الأحيانً!فهل لاتزال هذه الأمور " شغّالةً " في ابتدائياتنا اليوم، يا تُرى، و هل لاتزال للعودة إلى المدرسة في شهر أيلول نكهتها الفريدة، و للكتب الموزّعة على التلاميذ أحلامها و وقعها النفسي اللذيذ، و لشراء الدفاتر و الأقلام  و أخواتها مهرجانه المنزلي المثير، و لالتقاء زملاء السنة الماضية طعم " أبيض و بيض " و " شربت " الحانوت المدرسي قبل أن يكون هنالك بيبسي كولا و سفن أب و ميراندا أو راني؟! أم أن ذلك كله كان فقط أيّامَ كان القلب في الجهة اليسرى، كما يقول الشاعر اليوناني منيلاوس لاودمس؟!إذا كان ذلك، أو حتى بعضٌ منه، لا يزال موجوداً في ابتدائياتنا المختفية في أحراش المناطق السكنية  اليوم، فإن هناك أملاً، و العراق الجديد يمكن أن يجدّد بعضَ ما بليَ من تلك " الجماليات " و يطوّرها مع تطوّر العقلية الحاكمة أو المتنفّذة فيه. أما إذا كانت الابتدائية الآن مجرد محطة عبور أو هروب إلى المتوسطة، فالثانوية، فالوظيفة أو الشارع، من دون ذلك الايقاع الجميل لبراءة الطفولة، و حب الوطن و المعرفة، و أبوية المعلّم، و " شخطات " المدير، و سطوة الفراش الشمولية، و حصّة المطالعة، و رهاب درس الإملاء، فإن من الصعب أن تعود إلى هذا العراق نكهته الخاصة تلك، و إلى العراقي شغفه المعروف بالعلم و الاطلاع و الغيرة الوطنية، و لا بأس بعد هذا كلهِ في القليلٍٍ القليل مما يوصف به أحياناً من تبجّحٍ، أو نرجسية،  و ركوب رأس!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram