TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: مسدّس لرئيس البرلمان!

شناشيل: مسدّس لرئيس البرلمان!

نشر في: 17 نوفمبر, 2018: 07:32 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

ما كان ينقص رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، وهو يتحدث منذ أيام في المؤتمر الصحافي المشترك مع محافظ كربلاء، سوى أن يمدّ يده اليمنى إلى جنبه الأيسر ليسحب مسدسه من قرابه ويوجهه نحو كاميرات الإعلام في رسالة مباشرة داعمة لكلامه الذي حمل فيه على الذين تعجّبوا من، أو احتجّوا على، قراره برفع مخصصات السكن لأعضاء المجلس إلى ثلاثة ملايين دينار شهرياً.
السيد الحلبوسي كان عليه أن "يُحاسَب" كثيراً في كلامه، فهو رئيس السلطة الأعلى في البلاد، السلطة التشريعية التي تسنّ القوانين وتراقب عمل أجهزة الدولة جميعاً حتى لا تقع في الخلل والخطأ والزلل، وتقدّم لها القدوة والمثال.
من دون تروٍّ حكم الحلبوسي بأنّ "الطعن بأحقية النائب بهذا الأمر استهداف مرفوض للسلطة التشريعية، ولن تقبل به رئاسة البرلمان العراقي"! فهو هنا يجعل من السلطة التشريعية المنتخبة في الأساس من الشعب لخدمته وتحقيق مصالحه، في مرتبة المقدّسات غير القابلة أفعالها وأقوالها للنقد.. هو بهذا يريد أن يصادر الحق الدستوري المكفول لكل فرد ومؤسسة بالتعبير عن الرأي بحرية. ماذا يترك رئيس البرلمان إذن لموظفي الجهاز البيروقراطي وللأجهزة المكلّفة بالقمع ومصادرة الحريات ما دام هو على هذه الدرجة العالية من الحساسية تجاه النقد الموجّه الى أحد قراراته؟!
السيد الحلبوسي: لك الحقّ في التعبير عن رأيك بعدم القبول بنقدنا لك ولمؤسستك وقراراتك، لكن ليس معك أي حق في أن تصادر حقنا في نقدك ومؤسستك وقراراتك.. نحن أيضاً لدينا رأي كفل الدستور حرية التعبير عنه.
السيد الحلبوسي: قرارك خاطئ جملة وتفصيلاً، فإذا تسعى، حضرتك، لتأمين سكن لائق للنواب لا ينبغي لك أن تنسى أن أبناء هذا البلد النفطي جديرون جميعاً بأن تكون لهم مساكن لائقة وحياة كريمة. هل تعلم ان ثمة الملايين من العراقيين يعيشون في الاكواخ والصرائف وبيوت التنك والبلاستيك الحقيرة؟ هل تعلم أن ملايين العراقيين من العمال والموظفين في القطاعين العام والخاص لا يحصل الواحد منهم شهرياً حتى على 10 بالمئة من قيمة بدل الإيجار الذي قررتَ منحه للنواب؟ بل هل تعرف أن ثمة مئات الآلاف من الشباب المتخرج من الجامعات لا يجدون وظيفة أو عملاً يعيشون به؟ وهل تعلم ان الكثير من العراقيين يشربون الماء المالح المسموم والماء الملوّث بيئياً؟
لسنا ضد تأمين سكن ملائم للنواب، لكننا ضد أن يكون هذا على حساب الناس الذين انتخبوا هؤلاء النواب وكلّفوهم بمهمة تأمين مصالحهم.
مكتبك، يا رئيس البرلمان، مضى في أثرك لعمل خلطة عجيبة باتهامه منتقدي قرارك بأنهم من " سرّاق وناهبي الثروة العراقية"!.. أين هي الثروة العراقية هذه لنسرقها؟!.. الثروة العراقية قد سُرقت على مدى الخمس عشرة سنة الماضية، وبعض السرّاق من معارفك وأحبابك داخل البرلمان وخارجه، فعليك بهم إن كنتَ ومكتبك جادّين في مكافحة الفساد.
في المنطقة الخضراء، كما تعلم يا رئيس السلطة التشريعية، المئات من البيوت الملائمة للغاية لسكن النواب وسواهم لكنّها محتلّة ممّن لا يستحقونها من مسؤولين في الدولة وأقارب ومحازبين لهم.. لماذا لا تتحرك لاستعادة هذه الأملاك من محتلّيها وتوزيعها على النواب؟.. عليك بهم أيضا لتثبت ومكتبك جديّتكما في محاربة الفساد والفاسدين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram