TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > البرج العاجي: "مقدمة في الشعر": كيف نقرأ القصيدة؟

البرج العاجي: "مقدمة في الشعر": كيف نقرأ القصيدة؟

نشر في: 18 نوفمبر, 2018: 06:07 م

 فوزي كريم

سبق أن قدمتُ قصيدة "فن الشعر" للأمريكي "ماكليش"، تتحدث بطريقة شعرية عما تتطلبه كتابةُ القصيدة. الآن، وبالسياق ذاته، أقدم قصيدة لشاعر أمريكي آخر، لا يقل شهرةً ونضجاً، هو "بِللي كولِن" (Billy Collins 1941)، تتحدث بطريقة شعرية عما تتطلبه قراءة القصيدة. قصائد تتخذ منحى نقدياً في شأن كتابة وقراءة القصيدة، الأمر الذي يشغل الشاعر الجيد في كل مكان وزمان. هناك تأويلات للقصيدة لا تتفاوت كثيراً يجتهد فيها نقاد الشعر. القصيدة بعنوان "مقدمة في الشعر"، بُنيت على مقاطع قصيرة:
مقدمة عن الشعر
طلبتُ منهم أن يأخذوا قصيدةً
ويعرضوها للضوء مثل سلايد ألوان

أو يُلصقون آذانهم بخليّتها النحلية

قلت لهم ألقوا فأراً داخل قصيدة
وارقبوا كيف يجد مخرجه منها
أو ادخلوا غرفة القصيدة أنتم
وتقرّوا جدرانها بحثاً عن مفتاح الضوء

أردتهم يتزلجون
على سطح ماء القصيدة
ملوحين لاسم الشاعر على الشاطئ.

ولكن كل ما كانوا يريدون
هو ربط القصيدة بحبل على كرسي
وانتزاع الاعتراف منها بالتعذيب.

بدأوا جلدها بخرطوم المياه
ليتحققوا مما تعنيه حقاً.
في هذه القصيدة يسعى الشاعر إلى طلب من القارئ أن يكون صبوراً ومنفتحاً عند قراءة القصيدة، هذا العالم المدهش، من أجل أن يكتمل تشكيلها في ذهنه. قصيدة "كولن" متنكرة بالصور، كسبل إيضاح، منها تعريض القصيدة لضوء البصيرة تماماً كما تعرض سلايد ألوان، ليرى قارئها الصورة بوضوح. ثم يدعوه إلى أن يقرّب أذنه من خليتها ليصغي إلى صوت نحلها (موسيقاها). ثم يوحي بالحاجة إلى شحذ قدرات القارئ عبر صورة الجرذ داخل غرفة القصيدة المعتمة التي توحي بالمتاهة، كيف يستطيع أن يكشف بمجساته الحادة سبيل الخروج.
بعد ذلك يدعو القارئ نفسه لدخول الغرفة المعتمة (القصيدة) ذاتها، ويهتدي إلى مفتاح الضوء بنفسه. ثم إلى شيء من المسرة التي يمنحها التزحلق على سطح الماء (المشاعر). وفجأة تتغير نبرة صوت المتحدث، من الأريحية في سبل بلوغ المعنى إلى نبرة اتهام يوجه إلى أولئك الذي لا يحسنون التعامل مع النص الشعري. فهم أشبه بالجلادين الذين يُرغمون القصيدة على الاعتراف القسري.
هذا الاجتهاد في التأويل نافع، على أن لا يُفهم كما لو كانت الصور المتوالية رموزاً لمعان حرفية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: مثقفون مزيفون

العمودالثامن: ذهب نجلاء وملايين النواب

العمودالثامن: قاق .. قيق

ورشة للمرأة أم امرأة للورشة؟

العمودالثامن: ماذا يحدث؟

العمودالثامن: ماذا يحدث؟

 علي حسين ماذا حـدث؟ .. قالها صديق عاد إلى الوطن بعد غربة طويلة.. سألني: لماذا أصبحت الهوية الطائفية حاضرة بقوة هذه الأيام؟ هل لأنّ هناك خطراً على الشيعة، أم أن السـُّنة يتعرضون لحملة...
علي حسين

قناطر: العراق - الكويت.. كرة القدم تطيّب القلوب

طالب عبد العزيز في البدء، أنا غير معني بلعبة كرة القدم، ولا يعنيني من سيلعب، ومن سيفوز، في لعبة العراق مع الكويت، لكنني آمل أنْ تكون فعاليات مثل الرياضة وكرة القدم بالذات -لشعبيتها- فرصة...
طالب عبد العزيز

القنابل الغازية أداة قمع للاحتجاجات السلمية

د. كاظم المقدادي تُستخدم القنابل الغازية السامة والقاتلة المسماة "المسيلة للدموع" لتفريق التظاهرات والحشود والتجمعات الجماهيرية، المطالبة بحقوقها المشروعة. ويعرف ُ مستخدموها جيداً ما تسببه من أضرار لمستنشقي غازاتها أثناء إنفجارها، والتي تتراوح بين...
د. كاظم المقدادي

عن التوصيف الرسمي للوجود الأميركي في العراق

عبد الحليم الرهيمي خلافاً لما هو شائع ومتداول في بعض وسائل الاعلام ولدى شريحة من العراقيين، وخاصة المجموعات المسلحة، بأن الوجود الاميركي في العراق هو أحتلال، ويقوم بعض هذه المجموعات بمقاومة هذا الوجود بالسلاح.....
عبد الحليم الرهيمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram