علاء المفرجي
رصيد السينما العراقية من الأفلام الروائية لم يتجاوز المائة فيلم ببضعة أفلام حتى هذه اللحظة، أما عدد الأفلام الوثائقية فهو كثير جداً على الرغم من أننا لا نتوفرعلى إحصائية دقيقة بعدد الأفلام الوثائقية التي تمَّ إنجازها من قبل المخرجين العراقيين داخل العراق وخارجه.
ويقف الناقد عدنان حسين أحمد في كتابه (الفيلم الوثائقي العراقي في المنافي الأوروبية) عند موضوع الفيلم الوثائقي حيث يحصي بشكل تقريبي هذه الأفلام العراقية التي انجزها بعض المخرجين العراقيين منذ إنطلاقتهم الأولى وحتى أواخر التسعينيات من القرن الماضي حيث بلغ رصيد المخرج عادل داود سلمان لوحده "48" فيلماً، فيما أنجز كلاً من حسين البصري "28" فيلماً، وسعاد السامر "27" فيلماً، وفارس مهدي "24" فيلماً، وطارق عبد الكريم "23" فيلماً، ومجيد حميد "19" فيلماً، وهناك عشرات المخرجين الذين أنجزوا أكثر من عشرة أفلام نذكر منهم خيرية المنصور، فكتور حدّاد ، محمد شكري جميل، خيرية عبود، عبد الهادي الراوي، فاروق القيسي، ياسين البكري، نزار شهيد، سعد كاظم دعيبل، مصطفى عبيد دفاك وغيرهم الكثير.
إضافة للعديد من المخرجين الشباب الذي عملوا أفلاما وثائقية بعد 2003.
لا يخوض الناقد في إشكاليات تعريف الفيلم الوثائقي، وشرح أساليبه، وتبيان خصائصه الفنية لأنه يعتقد "إنها مبثوثة في ثنايا الدراسات النقدية التطبيقية التي حلّلت فيها "27" فيلماً وثائقياً لعدد من المخرجين العراقيين الذين ينتمون إلى أجيال مختلفة."
وثمة فرق جوهري ينبغي التوقف عنده، فالفيلم الوثائقي من وجهة نظر المُخرجين الفرنسيين يتوقف عنده حدود "الحقيقة" التي يبتغي الفيلم ملامستها، وهم لا يميلون إطلاقاً إلى إضفاء رأي المخرج أو المصور أو المُمنتج على الفيلم الوثائقي، بخلاف المُخرجين الإنكليز الذين لا يجدون ضيراً في إضافة الرأي إلى أفلامهم الوثائقية.
وحرص المخرج في كتابه على المزج بين رموز أجيال متعددة غادر معظمهم العراق لأسباب سياسية تتعلق بمصادرة الحريات الشخصية والعامة. كما حاول أن يضع بين يدي القارئ هذه الدراسات النقدية التي تناولت تجارب متعددة بغية تسليط الضوء على الأساليب والتقنيات التي اعتمدها المخرجون العراقيون من أجيال مختلفة بعد أن عاشوا في الغرب الأوروبي ونهلوا من فنونه البصرية الشيء الكثير.
ويلاحظ قارئ الكتاب أن كل الأفلام التي كانت مدار البحث والدراسات قد أنجزت بعد عام 2000 وأنّ غالبية هذه الأفلام تتوفر على خصائص واشتراطات الفيلم الوثائقي الناجح الذي يستطيع أن يصمد أمام تقادم السنوات.
والكتاب يضمّ بضعة دراسات نقدية قد لا تنسجم مع عنوان الكتاب الذي يشير صراحة إلى الأفلام الوثائقية العراقية التي أنجزت في المنافي الأوروبية بغض النظر عن موضوعات هذه الأفلام التي قد يدور بعضها في العراق أو في بلد عربي آخر وحجتنا في ذلك إنها بضعة أفلام لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة مثل "سمفونية اللون" الذي صوّر في الإمارات العربية المتحدة، وفيلم "الطنجاوي" لخالد زهراو الذي حمل كاميرته وذهب إلى مدينة طنجة المغربية كي يصنع فيلماً وثائقياً عن محمد شكري.
كما يرصد بعض الأفلام التي لها موضوعات عربية كالربيع العربي أو الشخصية الفلسطينية في المنفى الدنماركي، ولكن عذرنا الوحيد أن هؤلاء المخرجين عراقيون ويقيمون في الدول الأوروبية ومن حقهم أن يختاروا الثيمة الجاذية التي تستحوذ على اهتمامهم وتسحبهم إلى مداراتها الخاصة.
كتاب الناقد عدنان حسين يعد محاولة بسيطة لتمهيد الطريق أمام حقل الدراسات النقدية التطبيقية الرصينة التي تفتح آفاقاً واسعة أمام مخرج الفيلم الوثائقي العراقي ومتلّقيه على حدٍ سواء.