إياد الصالحي
لم يكن نهار السبت الموافق 15 تموز عام2006 يوماً عادياً كبقية الأيام، فقد قضّ مضجع الرياضيين وهم يفتقدون رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية السابق أحمد عبدالغفور السامرائي "الحجية" بعد وقت قصير من ترؤسه اجتماعاً للهيئة العامة للأولمبية في قاعة المركز الثقافي النفطي حيث تعرّض الى اختطاف على يد أكثر من خمسين مسلّحاً يرتدون ملابس عسكرية متنوعة ولا تعلم الحكومات المتعاقبة عن مصيره أو هوية الخاطفين حتى الساعة هذه. والمفارقة أن نائبه ورئيس اتحاد الكرة الأسبق حسين سعيد كان قد خطفه الخوف مُذْ آخر مرة قطع تذكرة مغادرة بغداد بلا عودة عشية الحادث لالتزامه باجتماع اتحاد غرب آسيا (كما برّر آنذاك) ولم يعد إلى بغداد حتى الساعة هذه!
قلق وحذر وتردّد.. وهلمّ جرّا، أجبر حسين سعيد على قيادة كرة القدم بصفته رئيساً للاتحاد عبر الموبايل، متّخذاً من مدينتي أربيل وعمّان مقرّين دائميين له لإدارة التزاماته المحلية والقارية للفترة ( 13 تموز 2006 لغاية 12 حزيران 2011)!! وظلَّ يشكو الاتحادين الدولي والآسيوي في كثير من الأزمات التي كان بعضها مفتعلاً لإطالة مدة بقاء الاتحاد وعدم التنازل عن كرسي رئاسته، فتارة يُشغل الإعلام مدّعياً صدور مذكرة إلقاء قبض بحقه حرّكها قضائياً وزير الشباب والرياضة الأسبق جاسم محمد جعفر على خلفية اتهام سعيد له في برنامج عبر قناة الكاس القطرية ( أن اختطاف الحجية جزء من مخطط الوزير الذي يعمل على تنفيذه، بدليل أنه لم يستدع أياً من المُفرج عنهم بعد حين، ولم تحقّق الدولة لمعرفة أسباب الاختطاف وبيان الجهة الخاطفة ) كما ظلّ سعيد يؤكد أن الحكومة اصدرت قراراً يخصّ شموله بقانون المساءلة والعدالة ولا يتمكّن من العودة الى بغداد إلا إذا أطمأنَّ على رفع اسمه من تبعات القانون، وقبل أن يرفع رايته البيضاء مُعلناً تقديم استقالته في 12 حزيران 2011 كان المتحدّث باسم الحكومة الأسبق علي الدباغ قد خرج في لقاء تلفازي أجراه الزميل محمد خلف عبر ( العراقية ) أكد أنه دعا سعيد للمبيت في منزله كي يشعر بالطمأنينة ويصحبه في اليوم التالي ليُدلي بصوته في الانتخابات وسط إجراءات أمنية طبيعية، لكنه اعتذر عن تلبية الدعوة.
حقائق مثل هذه ينبغي أن توضع في مقدمة أي موضوع يبحث مستقبل حسين سعيد مع كرة القدم العراقية ليس لاجترارِ مأساة ماضٍ قريب كان جزءاً رئيساً من تصادمات الحكومة والأولمبية مع اتحاد اللعبة أو اتحادي الفيفا والآسيوي فحسب، بل لاستعادة حسين سعيد (المهاجم الشرس) في الملعب والإدارة ليعود الى مستقرّه ببغداد ويمارس أنشطته وحضوره الاجتماعي على نطاق واسع ويكون قريباً من اللعبة.
مَنْ ينبس ببنت شفة ويقوّض ترشيح سعيد بمقارنة مُجحفة مع أي مرشح قادم للمنافسة على عضوية المكتب التنفيذي في الاتحاد الآسيوي 2019 مهما اكتسب من دعمٍ قاري؟ أمر لا جدال فيه، وبالإمكان إضافة اسماء اخرى لديها السيرة العلمية والمهنية والكاريزما المؤثرة لتحظى بثقة العمومية في القارة، مع الأخذ بنظر الحسبان أن سعيد كان حليفاً مهماً للقطري محمد بن همام الذي سجّل فوزاً صعباً على سلمان بن إبراهيم (23-21) صوتاً في معركة انتخابية عدّت الأعنف في تاريخ الاتحاد شهدتها كوالالمبور في 8 أيار 2009.
إن قائمة أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الآسيوي الحالي لن تضمَّ بينهم رئيس اتحاد وطني إلا أربعة من بين خمسة نواب للرئيس وثلاثة عشر عضواً، ما يعني ليس بالضرورة أن يكون مرشّح العراق رئيس اتحاد اللعبة عبدالخالق مسعود، لكن ما هو ضروري هو العمل التوافقي بين ممثل البلد واتحاده، وتلك مسائل واقعية لا دخل لها في الحملة العاطفية لبعض الإعلاميين اعتزازاً وتقديراً لتاريخ سعيد واعتراضهم على ترشيح مسعود بمسوّغ أن الأول صاحب فضل في دعم مسيرة الثاني! الصحيح أن طرح اسم سعيد يقتضي الحصول على موافقة المجلس التنفيذي للاتحاد الوطني ثم تهيئة دعم حكومي كبير لتواجده في كابينة الاتحاد القاري المقبل، إذ لم تعد العملية محكومة بالسرية في ظل المصالح المشتركة بين الاتحادات الـ 47 المنضوية للآسيوي.
لا نتمنى أن يأسر عبدالخالق مسعود طموحات كرتنا في احتلال مقعد تنفيذي مربوطاً بوعدٍ مضمون قبل ستة اشهر، بل نريد من دورة الرئيس 12 في تاريخ رؤساء الاتحاد الآسيوي أن تمهّد بقوة لعودة العراق ليكون فاعلاً ومنافساً على مواقع القيادة كحق مشروع أسوة بالدولتين العربيتين الوحيدتين (قطر والبحرين) اللتين نجحتا في تولّي محمد بن همام ( 2002-2011) وسلمان بن إبراهيم ( 2013- إلى الآن ) على التوالي، مَهمّة رئاسة الاتحاد منذ أول دورة انتخابية جرت عام1954.