TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: نظام الصدّ ما ردّ..

شناشيل: نظام الصدّ ما ردّ..

نشر في: 1 ديسمبر, 2018: 08:00 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

حينما تولّى الملك فيصل الأول الحكم في 1921، لم يكن العراق دولة ولا شبه دولة حتى. كان ولايات متفرقة على عهد العثمانيين الذين أطاح احتلالهم الطويل الجائر والمتخلّف الإرث الحضاري العظيم للعراق. كان على الملك فيصل أن يبدأ من الصفر تماماً. برغم ذلك، هواستطاع في غضون اثنتي عشرة سنة فقط أن يُنشئ دولة العراق الحديثة، ويوم مات (1933) لم يجد خلفاؤه صعوبة في إدارة الدولة من بعده، فهو وضع الأساس المكين لها: الدستور وجملة القوانين المنبثقة عنه والجهاز الإداري اللازم لدولة ناشئة، بسلطاتها الثلاث.
عبد الكريم قاسم حكم العراق أقل من أربع سنوات أحدثَ في أثنائها تغييرات اقتصادية واجتماعية كبيرة وحقّق منجزات بارزة منها: إلغاء نظام الإقطاع ودعاوى العشائر لصالح نظام الدولة الحديثة، الإصلاح الزراعي، التوسّع في التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية والثقافية، استعادة 99.5 بالمئة من الأراضي الممنوحة لشركات النفط الأجنبية ما مهّد لاحقاً لاستثمار حقول النفط وطنياً، بناء المشاريع الصناعية والزراعية والإروائية التي خطّط لها مجلس الإعمار في السنوات الأخيرة من العهد الملكي، تشريع قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي ضمِن للنساء الكثير من حقوقهنّ المهضومة.
وفي غضون عشر سنوات (1968 – 1978) أقام حزب البعث دولة قويّة مهّد لها بوقف الحرب ضد الكرد والاعتراف بحقوقهم وفي مقدمها الحكم الذاتي، وبالانفتاح على القوى السياسية الأخرى (الكردية والقومية العربية والحزب الشيوعي)، وبتأميم النفط، وبناء المصانع الكبرى والمشاريع الزراعية والإروائية وإنشاء الموانئ وفتح الطرق الجديدة السريعة وتطوير نظام الخدمات العامة (الكهرباء والماء والصحة والتعليم والصرف الصحي والنقل)، ونجح في محو الأمية، قبل أن ينقلب صدام حسين على قيادة حزبه ليحيل كل شيء إلى رماد، بحروبه العدوانية وبطشه السافر في حقّ المعارضين والمعترضين والمخالفين في الرأي.
نظامنا الحالي يعبرُ الآن سنته الخامسة عشرة إلى السادسة عشرة ، لكنّه لم يصل بعد الى حافة سنّ الرشد التي بلغها نظام الملك فيصل الاول في أقل من اثنتي عشرة سنة وحكم قاسم في أقل من أربع سنوات ونظام البعث في أقل من عشر سنوات .. بل إنّ النظام الحالي قد زاد في خمس عشرة سنة من مستوى الخراب الشامل الذي خلّفه نظام صدام، ولا تبدو في الأفق أي بارقة أمل لأن يستدير هذا النظام عن خط سيره على "درب الصدّ ما رد" الذي لا يفضي إلّا الى إعادة إنتاج الخراب والدمار والمآسي والكوارث والمحن التي كابدناها على مدى الخمس عشرة سنة الماضية.
الفاسدون الذين يديرون النظام الحالي لم يتركوا للدولة المُبتغاة والمُرتجاة حتى الحجر الأساس، فالمرحلة الانتقالية التي توافق عليها الفاسدون مفتوحة آفاقها على كل ّالسنين والعقود المقبلة ... لزوم سيادة الفساد ودوامه!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

 علي حسين ما أن خرج الفريق عبد الوهاب الساعدي ليتحدث إلى احدى القنوات الفضائية ، حتى اطلق بعض " المحلللين " مدفعيته تجاه الرجل ، لصناعة صورة شيطانية له ، الأمر الذي دفع...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

مثلث المشرق: سوريا ومستقبل الأقليات بين لبنان والعراق

سعد سلوم على مدار عقود، انتقلنا من توصيف إلى آخر: من "البلقنة" في سياق الصراعات البلقانية، إلى "لبننة" العراق بعد التغيير السياسي في أعقاب إسقاط نظام صدام حسين، وصولًا إلى الحديث اليوم عن "عرقنة"...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram