adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
من البصرة تنطلق دعوة لتجميد عمل مجلس المحافظة. الدعوة صدرت عن نواب المحافظة الذين كشف أحدهم عن أنهم يسعون الآن لاستصدار قرار بهذا الخصوص من البرلمان الاتحادي، فيما يدعو آخرون إلى إشراف مباشر من حكومة بغداد على عمل مجلس المحافظة.
الدعوة تعكس مزاجاً شعبياً عاماً في المحافظة يرى الى مجلس المحافظة السابقة والحالية ومحافظي المحافظة السابقين والحالي بوصفهم جزءاً من المشكلة وليسوا جزءاً من الحل.
مبرّر الدعوة إنّ مجلس المحافظة وإدارة المحافظة لم يظهرا العزم المطلوب لحل المشكلات الكبرى التي تعاني منها المحافظة، ما يثير على الدوام الغضب الشعبي الواسع الذي بلغ ذروته في الصيف الفائت.
الواقع إنّ هذه الدعوة المُبرّرة لا ينحصر نطاقها في حدود محافظة البصرة، فمجالس المحافظات كلها تقريباً لم تبرّر وجودها، ولم تلمس المجتمعات المحلية خيراً منها، وكثير من الناس يقارنون بين حال محافظاتهم منذ إنشاء مجالس المحافظات وحالها قبل ذلك عندما كانت إدارات المحافظات تعمل تحت إمرة الحكومة المركزية .
مجالس المحافظات كانت في الغالب عالة على المجتمعات المحلية. أعضاؤها يتقاضون رواتب ومخصصات عالية ولا يقدّمون الى مجتمعاتهم الخدمات المطلوبة، بل إنّ الكثير جداً من أعضاء مجالس المحافظات والمحافظين ورؤساء الدوائر المحلية كانوا عائقاً كبيراً أمام قيام مشاريع البنى التحتية والمشاريع الاقتصادية ونظام الخدمات العامة، بسبب فسادهم الذي يجعلهم يستحوذون في الباطن على جزء كبير من الموازنات الخاصة بهذه المشاريع، بل إنّ البعض منهم (أعضاء مجالس ومحافظون ورؤساء دوائر) ما كانوا يترددون في عرقلة بناء هذه المشاريع ما لم تدفع الشركات والمقاولون لهم ولأحزابهم الرشى من أجل الحصول على تواقيعهم للمضي قدماً في إنشاء المشاريع التي غالباً ما ينتهي مصيرها الى التعطّل، بل إنّ بعضها لا يتعدى العمل بها مرحلة وضع الحجر الأساس، وهي فعالية استعراضية يصح التعليق عليها بـ "ْ صوِّرني وأنا أضع الحجر الأساس". وفي كل محافظة توجد الآن العشرات من هذا النوع من المشاريع التي انتهت تخصيصاتها، كلاًّ أو جزءاً، إلى جيوب محافظين وأعضاء مجالس محافظات ورؤساء دوائر محلية.
دعوة نواب البصرة مبررة وصحيحة، والقرار السليم اللازم لحلّ هذه المشكلة ووضع حدّ لجانب من جوانب الفساد الإداري والمالي، يتمثل في حلّ مجالس المحافظات الحالية والتفكير بطريقة أخرى في تشكيل هذه المجالس واختيار المحافظين.
فكرة مجالس المحافظات ليست سيئة بذاتها. السوء يكمن في الأشخاص الذين يُنتخبون إلى هذه المجالس. هذا راجع إلى قانون الانتخابات الذي لا يضمن الحؤول دون وصول العناصر غير الآهلة وغير النزيهة وعديمة الخبرة الى مجالس المحافظات .. وإلى البرلمان الاتحادي أيضاً.