عامر القيسيالمفارقة في المشهد السياسي العراقي، ان الجميع يريد ان تتخذ القرارات وتنفذ القوانين على وفق رغباتهم الشخصية أو الحزبية. ففي مرحلة النتائج الأولية للانتخابات، قال المعتقدون ان قوائمهم ستحصد الأخضر واليابس، ان الانتخابات نزيهة وان التزوير لايؤثرفي النتائج، في حين تمسك اصحاب قوائم أخرى بالنتائج التي كانت تعلن تباعا لأنها كانت تشير الى تقدمهم ،
ثم قال الأولون أن الانتخابات فيها تزوير كبير وقال الذين امتدحوا الانتخابات بأن التزوير لايغير النتائج.و القضاء العراقي نزيه عند هذه الجهة لأنه اصدر قرارا يناسب تطلعاتها، ومسيّس عند أخرى لأن قراره جاء مخالفا لرغباتها . وعلى "ها الرنة طحينج ناعم "كما يقول المثل الشعبي العراقي. العملية السياسية ديمقراطية وشفافة وأنموذجية حتى للعالم الأوروبي، اذا أمنت مصالح هذه الجهة، وهي طائفية ومحاصصية وعشائرية وحزبية وأميركية، ان لم تؤمن تلك المصالح. الجيش العراقي جيد ووطني حين يقوم بتنظيف بعض المناطق من القتلة والارهابيين، ونفس الجيش طائفي وعنصري ومرتزق عندما يقوم بالعمل نفسه في منطقة اخرى. وهكذا مفوضية الانتخابات شفافة وغير شفافة، الأميركان مرّة احتلال ومرّة حلفاء وأصدقاء يشاركوننا ونشاركهم الزاد والماء والملح.المشكلة أن تناقضات مثل هذه التصريحات تصدر في الكثير من الاحيان من طرف الجهة السياسية نفسها وبفترة زمنية لم يجف فيها حبر التصريحات السابقة بعد كما يقال. فنحتار نحن ويحتار المواطن معنا ونبقى نضرب اخماسا باسداس باحثين عن الحقيقة. قلت لأحد المسؤولين، لقد وصفتم مرّة القضاء العراقي بأنه مستقل وشفاف وقراراته مقبولة من كل الأطراف، ولااعتراض عمّا يقوله القاضي أو المحكمة ،وفي تصريح لاحق قلتم ان القضاء العراقي "نفسه من دون أي تغيير" قضاء مسيس وخاضع لأجندات قوى متنفذة وأن قراراته متحيزة ، وانكم ستلجأون للقضاء الدولي لحل مشكلة الاخوان الوطنيين في داخل بلدنا. وفي حينها، وهو حين قريب جدا. لم اقتنع باجاباته الميكافيلية التي لايمكن مسك رأس" الشليلة" فيها،عندما يتحول اللون الابيض الى اسود بالرغبة والمصلحة، ويتحول اللون الابيض الى اسود لرغبة متناقضة أخرى صادرة من نفس المنبع والكيان والفكر والاتجاه!! وحتى في السياسة لايمكن الانخراط الى هذا الحد من المواقف المتناقضة والا تحولت الى لعبة" زعاطيط"! نعرف جميعا أن الكذب جزء من آلية تفصيلات العمل السياسي، وهو كذب، من أخطر أنواع الاكاذيب لما يحمله من تبعات على كاهل المواطن البسيط، دون أن يلزم السياسي بشيء، وهو مبررالى حد ما عندما يتم تبادله في الغرف المغلقة، لكنه مدان وغير مقبول عندما يتلاعب بمشاعر المواطنين واحاسيسهم ورؤيتهم للسياسي نفسه، وحصيلتنا من التجارب التي عايشناها في المشاهد السياسية المختلفة، التي عرضت على الشاشة السياسية العراقية، لاحصر لها، ان لم تكن أغنى التجارب في المنطقة.لانريد ان نتدخل في عالم من الدهاليز، ولا أن نحشر أنوفنا في أمور المتخصصين بأمور العباد، الا أننا سنكون سعداء جدا عندما لانرى ولا نسمع في القريب العاجل ،من سياسي واحد، أن عمليتنا السياسية ديمقراطية من على شاشة فضائية وطائفية في فضائية أخرى وفي اليوم نفسه تحديدا!
كتابة على الحيطان: فـي اليوم نفسه ..
نشر في: 24 إبريل, 2010: 08:21 م