إياد الصالحي
في خضم حالة التيه التي تعيشها أغلب مؤسسات الدولة لاسيما عند تطبيق القوانين والتعليمات بحذافيرها أو دون ذلك، تطلّ برؤوسها اجتهادات خاصة تمنح الدعم بمختلف مسمّياته لهذا الشخص أو ذاك بعيداً عن اتباع نظام مستقرّ يشمل من يستحق دون منّة أو وساطة ويُشذّب القضية من أي مصلحة تجيّر المبادرة لمسؤول يروم تعزيز موقعه "دعائياً" بأموال الدولة نفسها.
منذ خمسة عشر عاماً لم تعرف أي مؤسسة رياضية في العراق نظاماً يُبرمج آلية تعاملها مع الحالات الطارئة التي يتعرّض لها الروّاد وهم يواصلون خدمة الرياضة أو توقفوا لأسباب خارجة عن إرادتهم، لاسيما التدهور الصحي الذي يعانيه كبار السن من نجوم حملوا هموم ألعابهم في السراء والضراء ولم يشكوا همومهم لأحد حتى يئسوا وتمنّوا أن تقطع الأمراض أنفاسهم ليودّعوا الى مثواهم الأخير.
وبما أن كرة القدم تسرق الأنظار حتى في مآسٍ تهدد نجومها بالموت دون بقية الألعاب التي دفع ثمن إهمالها الملاكم الدولي السابق فاروق جنجون (مثالاً لا حصراً ) مفارقاً الحياة بقاضية مرضه الخبيث، فاتحاد الكرة يتعامل بازدواجية بعض المرّات وبمزاج رئيسه سواء الأسبق حسين سعيد أو الحالي عبدالخالق مسعود، ولكليهما حكاية، فالأول لم تزل كلماته عالقة في ذهني عندما نقلت له معاناة اللاعب الدولي السابق جميل عباس (جمولي) قبل أن يفارق الحياة بشهر موضّحاً له مشقّة ولده الكبير عصام باستبدال القنينة الكبيرة التي يتنفس منها والده الأوكسجين وحاجته للعلاج وليس المال، قال ( أنا رئيس اتحاد ولست مديراً للصحّة ولا لمركز رعاية اجتماعية ) فأيّدته وقلت واقعياً أنت رئيس الاتحاد، لكن ليس صحيحاً أن يترك الرواد دون سعي منكم لمفاتحة مسؤولي الحكومة لإنقاذه. فسكتَ، ولم يتغيّر شيء، واكتفى اتحاد سعيد ببيان نعي المرحوم جمولي يوم 6 تموز 2005.
والثاني الرئيس الحالي، عبدالخالق مسعود يبدي استعداد اتحاده لتحمل تكاليف علاج الحارس الدولي السابق فتاح نصيف في أحد مستشفيات الأردن بينما لم نسمع له صوت ورابطة الرواد تستغيث لنجدة اللاعب الدولي السابق نوري ذياب!، لسنا ضد مبادرة دعم نصيف مع علمنا انه لا يحتاج الى دعم الاتحاد لظرفه المعيشي الجيد بحكم عمله وإقامته في دولة قطر، مقارنة مع محنة ذياب، لكنّ السؤال المهم كيف يتصرّف رئيس اتحاد الكرة بالأموال المخصّصة لتطوير اللعبة، وحتى لو وافق أعضاء الاتحاد على منح الدعم لتغطية نفقات العلاج، هل يستند ذلك الى مادة قانونية أو لائحة تبرّر سلامة صرف ملايين الدنانير من الميزانية في هذه الحالة؟ وإذا كان الأمر كذلك كيف يُكرر رئيس الاتحاد مناشدته في كل لقاء تلفازي على ضرورة قيام حكومة عادل عبدالمهدي بزيادة الاموال المخصّصة لاتحاده لعدم كفايتها؟!
أطال الله بعمر الرائد الرياضي عبدالقادر زينل يوم وصف رعيل الكرة الأفذاذ ( هم نموذج أصيل في عزّة النفس وكرامته، أعرف ظروف العديد منهم، صعبة جداً على الصعيد المادي اضافة الى أحوالهم الاجتماعية، وبرغم ذلك يرفضون طلب المساعدة، ولم أسمع منهم في يوم ما شكوى أو تذمّر كما يفعل غيرهم الذين وصل الحال بهم الى الاستجداء(!.
دعوة للمؤسسات الرياضية أن ترعى مصالح جميع الرياضيين المرضى دون تفرقة وتعتمد نظاماً لا يتغيّر بزوال الأشخاص أو تقاطع هذه المؤسسة مع تلك، فالواقع المرير الذي يعيشه أغلب الرواد ونتيجة الإهمال المزمن وعدم تفاعل قادة الرياضة مع بيانات رابطتهم يحتّم إعادة النظر بالملف الصحي عبر التعاون مع وزارة الصحة بمذكّرات عاجلة تنقذ نوري ذياب وغيره بأمر من الدولة، لا أن تبقى المناشدات الإعلامية هواء في شبك محلياً ، بينما تثير تعاطف رؤساء اتحادات عربية يبدون استعدادهم لتكفّل العمليات الجراحية لرياضيينا وإداريينا! ربما هو باب جديد لدعم الرياضة العراقية من نفقة عربية .. أي خزي أفضح من ذلك؟!