علي حسين
في روايته الثلج الحار يكتب الروائي الروسي يوري بونداريف على لسان المجنّد كوزنيتسوف: لن نخسر الحرب، القضية لا تتعلق بمن هو الأقوى بل من هو صاحب الحق في هذه الارض! وقبله كتب الالماني إريك ريمارك في ملحمته الروائية كل شيء هادئ في الميدان الغربي إن"النصر لمن يريد النصر". ولهذا انتصرنا في المعركة ضد عصابات داعش لأننا أردنا النصر، كل عراقي أراد النصر، لا المقاتل الذي قاتل سعى الى النصرفحسب، وإنما كلّ مواطن عراقي واجه مصاعب الحياة بابتسامة ومحبّة، كلّ عراقي خرج من بيته وهو يدرك جيداً أنّ هناك إرهابياً كان يتربص به، أو سياسياً يريد أن يلغي حقه في الحياة، الجميع كان يتحرّق شوقاً إلى النصر، ولهذا لايمكن لنا أن نسجل النصر الذي نحتفل به اليوم لفئة معينة أو فصيل سياسي، أو جهات تدّعي أنّ العراقيّات كُنَّ تحوّلنَ إلى سبايا لولاهم،، أو من يريد تسجيل النصر"طابو"باسم هذا القائد أو ذاك"المجاهد"أو من يعتقد أنّ لولا سلاح إيران وطائرات أميركا لما كان هناك نصر.
أيها السادة هذا الشعب قرر أن ينتصر. إنّ العراق الذي يزعم البعض أنه مات منذ عقود، لايرون قلبه العظيم بارزاً نحو السماء بين مباني الموصل المهدّمة.. لقد صنع العراق نصره بيده ليعيش إلى الأبد.
اليوم ونحن نستذكر لحظة النصر ندرك جيداً أنّ الفساد لايزال متغلغلاً في مؤسسات الدولة وعند رجال السلطة الذين حوّلوا العراق إلى بؤرة من بؤر الرشوة والإثراء السريع غير المشروع. ولم يستطع العبادي من قبل الوقوف في وجه كل السرّاق وتقديمهم للعدالة، ويبدو حتى هذه اللحظة أنْ لا أحد يستطيع الوقوف بوجه أباطره الفساد!
عندما أُعيد إحياء ألمانيا التي دمرتها الحرب العالمية الثانية، اقتضى النهوض من ركام الخراب سياسياً مدركا لمسؤوليته تجاه شعبه، فكان الاختيار لـ"أديناور"، الذي سُمّي في ما بعد"باني ألمانيا الحديثة"لأنه استطاع خلال سنوات قليلة أن يجعل من هذه البلاد المهزومة، واحدة من أقوى اقتصاديات العالم.
يلتقي الساسة الذين يحبّون أوطانهم على مشترك واحد رفاهية الشعوب وطيّ صفحة الدمار والخراب والوقوف بوجه الفساد، لكن في بلاد الرافدين هناك رجال اعتقدوا أنهم إذا حملوا إلى الناس النصر، حقَّ لهم استبداله بالسيطرة على مؤسسات الدولة وثرواتها ومستقبلها.