علي حسين
سأظلّ أقول بلا تردُّد، ليس أكثر بؤساً من مجالس محافظات تتجعل معركتها من أجل المواطنين، أشبه بلعبة سيرك على الحبال، هرباً من التصدّي الجاد للمشكلة، ليجد المواطن نفسه بمواجهة قوى سياسية فاسدة من جذورها، لاتزال تواصل الرقص على الحبال، وحين يشاد غضب الناس وتخرج للتظاهر ضد الظلم، يخرج عليها أعضاء مجالس المحافظات وهم يحملون المسدسات، أو يمارسون لعبة الملاكمة مثلما يهوى السيد أسعد العيداني الذي يريد أن يوفّق"بالحلال"بين عضويته في مجلس النواب ومنصبه كمحافظ، وإذا ما قالوا له : ياعزيزي لايجوز مسك تفاحتين بيد واحدة، يمارس هواية تهديد المتظاهرين والركض وراءهم.
عندما نشاهد الفضائيات نكتشف أنّ زمن الساسة الانتهازيين والوصوليين ينقرض في العالم، لكنه ينمو وتتطور عروضه في العراق، بالتاكيد نحن لا نحلم بدولة مثل اليابان تسجن أكبر رئيس شركة سيارات بسبب تهرب ضريبي، ولا نطمح بقضاء مثل القضاء الإيطالي
يحكم على رئيس الوزراء السابق بسيلفيو بيرلسكوني عقوبة"الخدمة الاجتماعية"في إحدى دور رعاية المسنّين على خلفيّة الحكم الذي صدر بسجنه بتهمة التهرّب الضريبي.
منذ أحداث البصرة والقوى السياسية تمارس طنيناً مضحكاً، وكأنّ الحكومة جادة في معالجة الأزمة، وأنّ تيار الحكمة يسعى لتقديم كلّ ما لديه من أجل أهالي المدينة، وأن دولة القانون لا ينام أعضاؤه قبل أن يحصل فقراء البصرة على حقوقهم، وأن سائرون ستعطل المراكب السائرة من اجل ثغر العراق، والفضيلة تصرخ"وا بصرتاه!"، والمجلس الأعلى بقيادة حمودي ينوح على الأخلاق التي يهدرها متظاهرو البصرة، والوطنية تشكو للعالم هموم الحيانية والعشار، والحلبوسي والكربولي والجبوري قرروا أن لايشربوا الماء قبل أن يرتوي ظمأ أهالي البصرة، وتحولت أزمة البصرة إلى عرض لخطب مضحكة، وتمّ رسم خريطة هزلية لعمليّة الإنقاذ، ونسي الجميع أنّ ألعاب السيرك السياسية لا تصنع سوى الخراب. التنمية والعدالة الاجتماعية يصنعها اصحاب النوايا الخيّرة، وأهل العمل البنّاء والصدق. راقصو السيرك لاهمّ لهم سوى الضحك على الناس والسعي الى إشغالهم بألعاب مثيرة.
في كل يوم يحاول مجلس محافظة البصرة ومعه البرلمان الموقّر، أن يخدعوا العراقيين، بأن مجلس المحافظة شيء، وأسعد العيداني"النائب"شيء آخر، ونجدهم ينشطون في ترويج نكتة أخرى، تقول إن الحكومة ستنتشل البصرة من الفوضى وغياب الماء النقي والكهرباء، لنكتشف أن بغداد بلا ماء نظيف، وكهرباؤها لاتزال تعاني من العمى.