إياد الصالحي
بالرغم من الهالة الإعلامية التي صاحبت الإعلان الرسمي عن إطلاق تصميم ملعب لوسيل آخر ملاعب مونديال 2022 الثمانية بحضور كبار مسؤولي دولة قطر التي تشهد أكثر من فعالية رياضية مميزة طوال العام ولمختلف الألعاب، إلا أن الإهتمام بمنتخبهم الكروي وتجربتهم غير المسبوقة بتخصيص "يوم إعلامي للاعبي المنتخب" يوم 16 كانون الأول الجاري ومكاشفة مدربهم الإسباني فليكس سانشيز باس بما يجول في فكره والملاحظات الواردة في عمله، أستوقفتنا بجدية لنتأمل مكنونات الفكرة وما طُرح فيها وأهدافها في كأس آسيا المقبلة.
على صعيد لاعبي "العنابي" هيّأت فكرة مواجهة الإعلام جرعة إضافية معنوية تعزّز قدرته على التعبير بقوة للسائِل تحت أية ظروف يواجهها المنتخب في منافسات آسيا دون أن يُسقط من حساباته أن الانكسار الفني داخل المستطيل الأخضر لا يعني إنكساره كمواطن يتعذّر عليه توصيف ما حصل بمرور موجز عن أهم أسباب الأخفاق باحترافية عالية والعكس صحيح أيضاً عند الفوز وهذا ما نتمنّاه للمنتخب الشقيق.
فنياً، لم يتعامل المدرب سانشيز مع أجندته لبطولة آسيا بطريقة بدائية يسمي قائمته للاتحاد ويباشر بوحدات متعدّدة مع مباراتين ثم يدخل البطولة، بل أكد أنه سيمنح الفرصة لجميع اللاعبين ويفتح باب التمثيل لمن يؤكد استحقاقه في أربع مباريات ودية تمّ مراعاة توقيتاتها بدقة حيث يلتقي الأردن يوم 23 الشهر الحالي، وبعده قيرغيزستان في 25 منه، ومع الجزائر يوم 27، وأخيراً يواجه إيران في 31، وبرّر تقارب الأيام على وفق توقيتات مباريات قطر كل ثلاثة أيام في البطولة لغرض تعوّد اللاعب على فارق الزمن تحت الضغط، وسيحسب الملاك الفني عدد دقائق مشاركة كل لاعب في هذه المباريات قبل بدء الامتحان الصعب في الإمارات.
أما هدف سانشيز للمرحلة المقبلة، أنتبهوا ماذا قال: سنلعب في كأس آسيا تحضيراً لكوبا أميركا وكأس العالم 2022، أي أن مباريات التنافس القاري محطّات إعداد قطر لهاتين البطولتين دون أن يحد من التطلّع لبلوغ الأدوار المتقدمة.
لا نريد أن نجدول مقارنة عمل مدرب منتخب قطر واتحاده مع ما يحصل لكرتنا من تدافع وفوضى وتناحر عند باب تحضير الأسود لآسيا، فكل شيء يجري هنا بلا احترافية أو ذوق إداري ينمّ عن استعداد اتحاد الكرة لإنجاح حظوظ منتخبنا في الإمارات، إجراءات عاجلة سمَّتْ كاتانيتش ومخاوف من الحديث عن مستقبله في حال بدّد آمالنا لئلاّ يُلزمنا بشرط جزائي رابع بعد اسلافه (أولسن وفييرا وزيكو) ولجنة منتخبات لدى رئيسها القدرة على الحديث المتواصل من الصباح الى المساء في إطار التمنّي والسعي والرغبة، والجزء الأعظم من قناعاته تبدو انعكاساً لعمل المدرب ولا يأتي بجديد يدلل به على أهمية وجود اللجنة في المحافظة على مصلحة الوطني خاصة أن قائمة المستدعين أثارت جدلاً واسعاً ومنهاج التحضير فقير جداً منذ تولي المدرب القيادة في الرابع من أيلول الماضي وكأن منتخبنا مساق لتأدية فرض مجاملة في بطولة لن يقوى خط وسطه على تحمّل الضغط الهجومي لإحداث التوازن ومبادلته بهجمات سريعة ومنتجة، ولا خبرة أغلب لاعبينا تمكّنهم من تغيير الأداء البليد الذي أظهروه في البطولة الدولية بالسعودية أمام الأرجنتين والسعودية أو في ودّيتي الكويت وبوليفيا.
لعل اتحاد الكرة ولجنة المنتخبات والملاك التدريبي للأسود وإعلامنا يستفيدون مما عرّجنا على آلية التنسيق القطرية المرتبطة بدعم منتخب بلادهم بدلاً من "تناحرنا" اليومي في مناقشات مستهلكة أسهمت جميع البرامج الحوارية في تكريس الملل والاستياء وحتى اليأس لدى المتابع من ضعف خيارات كاتانيتش وتفشّي النميمة باتهام وسيط أبقى هذا اللاعب وتحميل إداري (ممنوع من الاستبدال) مسؤولية أملاء الاسماء في كرّاسة المدرب! وغيرها من المواكبات الإعلامية العقيمة التي تزيد من الشحن وتنشر ثقافة الاعتراض الفارغ، وتجعل ساحة اللعبة مفتوحة لصدامات لا غاية لها سوى الإثارة وتضيّق الخناق على الأسود.
لا "حفل مهيب" ينفع لرفع المعنويات ولا وعد مُقنع لتلافي سلبيات مجلس إدارة اتحاد أصبحت سياسته منشراً لغسيل الانتقادات الحادة التي بصمَ عليها النائب الأول للرئيس بحبر الاستقالة الرسمية الرابعة في تاريخ الاتحاد منذ 2003 بعد باسم الربيعي وأحمد عباس عام 2010 وحسين سعيد عام 2011، ومع ذلك يتباهى كبيرهم بأنه ورفاقه (شجعان) في زمن هزائم اللعبة على جميع الصُعد وانكسار قواعد المستقبل!