TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > حـول زواج الرصافي وابنته

حـول زواج الرصافي وابنته

نشر في: 25 إبريل, 2010: 05:34 م

رفعة عبد الرزاق محمدلما للرصافي من مكانة كبيرة في اليقظة الفكرية العربية فأن البحث عن (حقيقة) الصورة من المواضيع الطريفة التي تتعلق بشاعرنا الكبير، الذي اصبح البحث عن احواله وجمع شوارده من الضرورات الوطنية والتاريخية. *والذي نود تأكيده هنا ان جميع من كتب عن الرصافي من معاصريه لم يشر الى هذه (الابنة) المزعومة، مع اتفاقهم الثابت على زواجه في الاستانة على الوجه الذي تفصله السطور التالية..
واعتمد في بيان ذلك على مصادر رئيسة ثلاثة لا اعتقد ان احدا يستطيع الطعن في شهادتها لما لهذه المصادر من صلة وثيقة بالرصافي ، فعندما ظهرت طبعة عام 1931 من ديوان الرصافي بدا المرحوم عبد المسيح وزير بنشر سلسلة مقالات عن الشاعر في جريدة (الاستقلال) البغدادية، تضمنت معلومات مختلفة عنه، استقاها وزير من الشاعر نفسه مباشرة، ونشرها في حياته.. مما يدل على ان الرصافي اذن بنشرها والمصدر الثاني هو ما كتبه المرحوم مصطفى علي في كتابه (ادب الرصافي) المطبوع في القاهرة عام 1947 وهو مجموعة ردوده على بدوي طبانة الذي الف كتابا عن الرصافي واشار فيه الى زواجه، اما مصدري الثالث فهو ما ذكره الاستاذ الفاضل عبد الحميد الرشودي، في كتابه القيم عن الرصافي والمطبوع ببغداد عام 1988 ولانحتاج الى اثبات صلة مصطفى علي بالرصافي فهي معروفة وان الرشودي حاليا، هو الامين المؤتمن على تركة الرصافي الفكرية لاسباب كثيرة لامجال لعرضها..*ان رواية زواج الرصافي.. المتفق عليها في هذه المصادر هي كما يلي: لما ذهب الرصافي الى الاستانة في المرة الثانية عام 1909 ومكث فيها في الاعوام التالية، ارتفعت منزلته واصبح وجها بارزا فيها، بعد ان انتخب نائبا في (مجلس المبعوثان) عن المنتفك ، ففوتح من قبل اصدقائه بقضية الزواج فرحب بها واوكل الى شقيقة صديقه (عبيد الله) ان تختار له الزوجة اللائقة به وبمقامه، فاختارت له السيدة (بلقيس) ابنة احد موظفي الكمارك في العاصمة العثمانية ويذكر الرصافي لعبد المسيح وزير انه وجد الهناء في حياته الزوجية اذ استقامت اموره وانتظمت معيشته بفضل زواجه، غير انها حملت منه ولداً سقط جنيناً ولم تلد له غيرة فظل بلا عقب الى النهاية. *ويقول بدوي طبانة في كتابه عن الرصافي انه تزوج ثيبا من احدى نساء ازمير شقيقة ضابط متقاعد، دون ان يشير الى المصدر الذي اخذ عنه روايته. ويذكر الاستاذ عبد الحميد الرشودي ان مصطفى علي اخبره انه رأى عدة رسائل موجهة الى الرصافي من زوجه. وكانت موقعة بكلمة (بلقيسك) وان الرصافي كان يراسلها بوساطة اخيها الدكتور اكرم امين، وربما كان يرسل اليها بعض النقود وفاء لحق الزوجية. بقي الرصافي في الاستانة الى اواخر عام 1919 ، حيث غادرها الى دمشق وحده، على امل ان يعود لزوجه او يطلب التحاقها به.. يذكر ان زمان البعاد قد طال بينهما وامد الفراق قد امتد ومرت على الرصافي ايام صعبة ومارس ليالي كالحة فلم تسعفه ذات يده بما يقيم اوده ولا بما يمد به زوجته ، وفي عام 1922 هم الرصافي بالسفر من بغداد الى الاستانة.. لكنه لم يجد هناك احدا من معارفه، فبقي في الاستانة حوالي الثلاثة اشهر ثم عاد الى بيروت، ويبدو ان نية الرصافي كانت متوجهة الى زيارة زوجه التي اشتاق اليها ، غير انه لم يوفق الى نيل اجازة من وزارة المعارف وهو احد موظفيها ،وليتسلف رواتبه ليستعين بها في سفره لان القوانين يومئذ حالت دون ان يتمتع بهذا الحق.. وفي قصيدته الى المرحوم فخر الدين الجميل يشير الى اشتياقه لزوجه في الاستانة: rnقد عاقني الاملاق عن سفري الى                      من طال معتلجا اليه حنيني لكن قلبي مايزال بشوقه         ظبي اقام بدار قسطنطين *وفي قصيدته (زحلة) يذكر الرصافي ان زوجه هي الاخرى كانت مشتاقة له، غير ان الرصافي عاد وترك الاستانة الى بيروت بعد ان استقال من وظيفته في بغداد و قطع الجسور مع السلطة لالقائه قصيدة (هي النفس) الشهيرة (!!) فرأت السيدة بلقيس –كما يذكر الرشودي – ان لا امل في عودة حياتهما ولا رجاء في استئناف الصلة فاستفادت من القانون المدني التركي الجديد وافترقت عن الرصافي. واكاد اعتقد ان الرصافي ترك زوجه في الاستانة ثانية لسبب يتصل بنفسيته واعتزازه الشديد بكرامته، فحين غادر الاستانة  كان مدركا ان يسير الى مصير غير معروف.. ترك بغداد على ألا لايعود اليها ثم ترك الاستانة وهو لايملك شيئا ولعله رأى بقاء زوجه بين اهلها صونا لها من تشرده، او انه اذن لها برفع قضية التفريق الذي تم في عام 1925 وهو في بغداد (الاديب.. العدد الممتاز لعام 1945). وربما يذهب البعض الى ان الابنة (المزعومة) في الصورة جاءت عقب اتصال الرصافي بزوجه عند زيارته الاستانة في 1922 ، الا ان ما تواتر عن عدم انجاب السيدة بلقيس، ينفي ذلك ولعل نشر الصورة والتثبت من تاريخها يكشف لنا الحقيقة.. والله قادر على كل شيء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram