علي حسين
في مرّات كثيرة تبدو لي الكتابة عن تجارب الشعوب، أهم وأنفع للقارئ من معركة تنصيب فالح الفياض، وإعادة سليم الجبوري الى الكرسي، وقوانين قراقوش التي تلوح بها مجالس محافظات ولم تجلب لنا سوى الخراب، ولهذا وجدت أن أخبارا مثيرة عن شعوب حية، أحرى بالكتابة من بؤس الخطاب السياسي العراقي.
الشاعر بابلو نيرودا الذي قال عنه غابرييل غارسيا ماركيز إنه أكبر شعراء القرن العشرين، ولا يختلف اثنان في بلده تشيلي على انه يمثل ثروة وطنية، يتعرض للرفض من نساء بلاده، فمنذ أشهر قررت الحكومة أن تسمي مطار العاصمة باسم مطار نيرودا، إلا ان النسوة اليساريات في البرلمان يرفضن هذا القرار، لماذا يارفيقات والرجل قتل وهو يدافع حرية بلاده؟ النساء لهنّ رأي آخر فالشاعر الكبير اعترف في مذكراته أنه أساء معاملة ابنته المريضة، وأغواه الشيطان ذات يوم فتحرش بفتاة، ولهذا فهو في قائمة أعداء المراة حتى وإن كان أكبر شعراء الأرض!!. منذ أسابيع أيضاً أعطى الالمان أصواتهم الى سيدة كانوا يشاهدونها كل صباح تركب خلف زوجها في دراجته النارية ليوصلها الى مقر حزب الاتحاد الديموقراطي المسيحي الذي صوّت أعضاؤه على وضع كرامب كارينباور بمنصب مستشارة ألمانيا خلفا لامرأة رائعة أدهشت مواطنيها على مدى اثني عشر عاما بشخصيتها البسيطة"السيدة ميركل"التي رفعت شعار"الإنسانية توحدنا"فأصبحت أماً لأكثر من مليون مهاجر وجدوا عندها الأمان والسكينة والرفاهية، بعد أن هربوا من بلدان ترفع شعار"الدين غايتنا"وتذبح الناس على الهوية.
وفيما كانت النسوة العربيات يتوسلن المساواة والمناصب، كان عبد الكريم قاسم يضع نزيهة الدليمي على كرسي أول وزيرة عربية، ويعلن المساواة بين الرجل والمرأة، وهو القرار الذي أراد أن يؤسس لدولة مدنية، فأفتى الشيوخ بقتله.
لأننا نعيش في بلاد ساستها مرضى بشيء اسمه المرأة، كان علينا أن ننتظر مجلس محافظة كربلاء يعلن خوفه من ملابس النساء وزينتهنّ، ويتعامل بعنصرية مقيته مع المرأة بلغت حدا غير مسبوق فى تاريخ عمليات اهانة المراة فى االبلدان"المؤمنة"، حيث يسلك صانعو ومروجو هذا النوع من الخرافات والقرارات المضحكة التي يعتقد اصحابها انهم سيدخلون التاريخ من بوابة منع عرض ملابس النساء.
فيا أيتها النسوة اللواتي تحملن الكثير في انتظار الرخاء، لا تغضبن، فالرهان على مجالس المحافظات في تحويل مدنكم إلى ولايات"قندهارية"ما يزال كبيرا.