عدوية الهلالي
ستبدأ بعد أيام ولادة العام الجديد ، وهي ولادة متوقعة ومعروفة الموعد لذا ينتظرها الناس بالتهيئة للاحتفالات والاستعداد لالقاء روزنامة العام الماضي وتعليق الروزنامة الجديدة ثم البدء بحساب الأوراق المتساقطة من العام الجديد ..وهكذا ..بالمقابل ، مازالت ولادة أخرى تنتظر الإعلان عنها حتى الآن لأن فترة المخاض مازالت مستمرة وطالت مدتها أكثر من اللازم ..إنها ولادة الحكومة الجديدة بكامل كابينتها الوزارية إذ تحولت ولادتها المنتظرة الى مسلسل طويل وممل ومعقد الحلقات ، وصار علينا أن نستقبلها على دفعات ..لقد بدأ مسلسل هذه الولادة بتعيين الرئاسات الثلاث ، ومرّت أيام طويلة قبل أن يتم اختيار جزء من الكابينة الوزارية ، ثم مرّت أشهر قبل أن يقرر عادل عبد المهدي أخيرا اختيار وزراء للثقافة والتخطيط والتعليم العالي ، وربما ستمر أسابيع قبل أن يتم اختيار وزراء لوزارات التربية والهجرة والمهجرين ، أما وزارتي الداخلية والدفاع فلن نستغرب استمرار أزمة اختيار وزراء لهما الى مابعد العام الجديد وربما لمابعد أشهر من ولادته ...بعد كل هذا ، ألا يستحق العراق أن يدخل موسوعة جينيس لأطول فترة ولادة حكومة ؟...
والمشكلة هنا ليست في طول أو قصر فترة ولادة الحكومة ولكنها تكمن في البرنامج الحكومي الذي أطلقه رئيس الوزراء الجديد عادل عبد المهدي لدى توليه الحكم والذي سيجري العمل به بعد اكتمال تشكيل الحكومة ..ولأنه برنامج حافل بكل مالذ وطاب من الوعود والمشاريع التي ستغير وجه العراق وتعيد إليه رونقه وتضمد جروحه وتقوي دعائمه ليستعيد عافيته ويقف على قدميه من جديد ، فمن المؤسف أن ينتطره العراقيون كل هذا الوقت ويواصلون انتظاره ومتابعة المسلسل الممل لتشكيل الكابينة الوزارية وحتى إشعار آخر ..لقد وعدنا عبد المهدي بتقوية اللحمة الوطنية وفرض النظام والقانون وتعزيز الأمن الداخلي والخارجي فضلاً عن الاستثمار الأمثل للطاقة والموارد المائية وتقوية الاقتصاد واستغلال كافة المجالات الزراعية والصناعية والخدمية بما يوفر فرص عمل للشباب فهل ستكفي الأربع سنوات التي ستتآكل سنة كاملة منها وهو ينتظر اكتمال حكومته لينطلق بتنفيذ مشروعه ..واذا كانت محاولاته لتشكيل حكومة غير خاضعة لسلطة الاحزاب والمحاصصة قد واجهت كل هذه العراقيل ولازالت تواجه الأمزجة المتنوعة ووسائل الضغط المختلفة التي تمارسها الكتل والاحزاب على عبد المهدي ليتلكأ تشكيل حكومته بهذا الشكل ويضطر الى الرضوخ لهم فكيف سيمكنه تنفيذ برنامجه الذي تتعارض أغلب بنوده حتما مع توجهات الفاسدين والمنتفعين ومصالحهم ..سيتلكأ هو الآخر وستمر السنوات الأربع قبل أن نحظى بانجاز واحد يمكن أن يضمد جرحاً عراقياً ..المشكلة اذن تكمن في اننا اعتدنا الانتظار ،وليس أمامنا إلا مراقبة المخاضات العسيرة الطويلة ومتابعة المسلسلات المملة لأن الوقت لدينا بلا ثمن ..وتشكيل الحكومات ..بلا أمل ..