TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: أرني السلام لأقدم تهنئتي

قناطر: أرني السلام لأقدم تهنئتي

نشر في: 25 ديسمبر, 2018: 06:46 م

 طالب عبد العزيز

ما كنت وادَّاً الكتابة في شيءٍ بمناسبة أعياد الميلاد، وأجد أن التهنئة المقدمة للاشقاء المسيحيين، على صفحات الفيسبوك فارغة من المعاني، إذ ما قيمة ما أكتبه لهم هنا، وهم يعانون الغربة في وطن آبائهم وأجدادهم، ما قيمة ما نفعله لهم نحن، جماعة المثقفين إزاء ما تقوم به المؤسسات الدينية والأحزاب والقبائل، وما يتم التأسيس له في مساجدنا ومضايفنا ومدارسنا، فلنعترف بلا جدوى التهاني هذه، ولنكن على قدر المسؤولية في تحمل ما اقترفته الطوائف والمذاهب الكبيرة بحق أبناء الطوائف الصغيرة، إذ، ما عاناه ويعاني منه ابناء الطوائف الاخرى مثل المندائية والآيزيدية والزرادشتية ووو ليس بقليل.
محزن أن يشعر المواطن، أي مواطن بالغربة في الوطن الذي عاش فيه آباؤه وأجداده. فما يعاني منه الشيعي الساكن في الاغلبية السنية لا يختلف عن ما يعاني منه السني في الاغلبية الشيعية، وهناك ما هو ابعد من ذلك، ففي قريتنا الصغيرة، ذات الاغلبية الشيعية يعاني السني من تهميش واضح، فهو يدخل مسجده خائفاً، وتجد أكثر من أسرة شيعية غربة من نوع آخر، فهم يتبعون مرجعية غير نجفية، وتعاني مجموعة من الأسر في البصرة، ممن يدينون بالبهائية غربة ومخاوف من نوع آخر، وتستغل بعض النسوة المسيحيات الظهيرة فرصة للتسوق، ساعة يكون السوق أقل ازدحاماً، ويغلق صديقي، عازف العود باب داره ويسدل الستارة على الشباك كلما حاول الدندنة على عوده، وهكذا. بلا مخاوف.
ستكون مخاوف الأسرة من عشيرة ضعيفة، أكثر في شارع تسكنة غالبية، من عشيرة قوية بالحيانية، ومثل هذه وتلك ستكون مخاوف الموظف الشريف في الدائرة التي يديرها موظف في حزب مسلح، جمع أفراد حزبه وعشيرته في دائرته ليكونوا السند والعون له. كل ظلام في العراق مخيف، وكل نور زائف، وكل بندقية تشهر ليست لحمايتك، هي مشروع لاستباحتك ايها الغريب. يستقبح بعض الاصدقاء ما أنشره على صفحتي في الفيبسبوك، يقولون إنك تنشر صور زجاجات النبيذ، حمراء وخضراء وهذا ما لا يستحسنه الغير، ويصمتون عن أفعال جاري، الذي خرج ببندقيته ملعلعاً، يصمتون عن كل ما يفعله النائب، في الحزب المسلح، الذي قطع الطريق وابتلع ابنه الرصيف، وسلب المدينة بهاءها وجمالها، يصمتون عن ما يحدث للمدينة من خراب، وليس فيهم من وقف بوجه فاسد.
لا قيمة لما نكتب ونقرأ وندّعي معرفته، في وطن يستبيح ذو البندقية حقك بالعيش فيه، ويصادر رأيك فيه كل معتم بعمامة. اشعر بالغربة والهوان والرعب في المطعم والكازينو كلما خلع أحدهم مسدسه وجعله على الطاولة، على مشاهد الحاضرين، واتحسس رقبتي كلما خطفت سيارة مظللة أمامي. كل سياج عال يهدد حياتي، كل يافطة تقول: يا لثارات الحسين تتقصدني، أخشى السير قرب مقار الأحزاب الدينية، وأتجنب الحديث عن جيش المهدي والعصائب والكتائب وجيش محمد والدولة الاسلامية ووو ولا أخوض في نقاش بشأن علي ومعاوية وفاطمة وعاشة ويزيد والحسين ووو فهذه مهاوي ومنابت للموت. عن أي تهنئة للمسيحيين نتحدث؟ عن أي أعياد للميلاد؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram