علي حسين
مُنتهى الجرأة أن يحاول البعض القفز فوق معطيات الواقع ليتحدّث عن مؤتمرات تضامن لنجدة أشقائنا في البحرين، بينما الملايين من شعبنا يعيشون تحت خط الفقر، ومع احترامي للسيد نوري المالكي الذي يصرّ دوماً على أن يرفع لواء الدفاع عن البحرين واليمن، فيما ينسى أنّ هناك فقراً وعوزاً في العراق وأنّ هناك عوائل تنام تحت سقوف من الصفيح، وأنّ إرادة الناس مستلبة وأنّ البلاد على شفا هاوية بسبب الإصرار على أن يظلّ فالح الفياض نائماً على أنفاس العراقيين.
لقد مارست الحكومة وأجهزتها الأمنية أبشع وسائل القمع ضد التظاهرات في البصرة، واستخدمت كلّ أشكال الترهيب لكي ينسى أهالي البصرة أنّ لهم حقوقاً في رقاب المسؤولين، في الوقت هناك من يعلن أن هناك مؤامرات خارجية وداخلية جاهزة للتنفيذ من خلال هذه التظاهرات، وأن مخططات لزعزعة الاستقرار وتقسيم البلاد ستكون في انتظار من يخرجون ليهتفوا ضدّ الفساد والمفسدين.
وقبل أن يحاول البعض تفسير الموضوع باتجاهات أخرى فإنني مع الشعب البحريني في مطالبه العادلة في إقامة نظام دستوري، ومع الشعب اليمني في حقه بتقرير مصيره ومع انتفاضات الشعوب العربية التي ظلت تعاني من ظلم سلطة الزعيم الأوحد مثلما يحدث في السودان الآن. والغريب أن معظم مسؤولينا لم يتعاطف مع متظاهري السودان لأنهم ليسوا من”جماعتنا”!
كنت أتمنى لو أنّ المؤتمر الذي رعاه السيد نوري المالكي قد توجّه بخطبه وشعاراته من أجل نصرة أهالي الأحياء الفقيرة في البصرة وميسان ونينوى وصلاح الدين وبابل والنجف، ولكنها الكوميديا التي يتحفنا بها البعض دوماً، وهي كوميديا تتحول إلى كارثة في أحيان كثيرة، لكنها في النهاية مضحكة حتى ولو كانت سوداء.، كنت أتمنى أن يعرف السيد نوري المالكي وهو يلقي معلقته في مؤتمر نصرة البحرين أنّ في العراق عوائل لا تحصل في اليوم على أكثر من دولارين، هؤلاء الفقراء تظاهروا ويتظاهرون ولكن ما من مجيب.
إنّ البعض من سياسيينا يحاول بشتى السبل أن يتقرب من شعب البحرين لأنه يستحق المساعدة، ولأنه ثار بوجه حكامه، لكنهم وللأسف فإنهم يغضّون الطرف عن مطالبات العراقيين بالعدالة الاجتماعية، وتراهم يسخرون من تظاهرات البصرة، فهم يملأون الفضائيات صخبا وضجيجا دفاعا عن حق الشعوب بالتظاهر والاعتصام، وبالمقابل يلعنون العراقيين لأنهم يرفعون شعار انقذونا قبل خراب البصرة.
يُعيد المالكي حديث الفشل عن المعركة التي يجب ان نخوضها على تخوم مدينة المنامة البحرينية، لا يسأله أحدٌ ماذا فعلت بـ 700 مليار دولار، والعراق في قائمة الدول الاكثر فقراً وخراباً.