إياد الصالحي
اقترب موعد انطلاق بطولة كأس آسيا السابعة عشرة في الإمارات الأكثر شراسة في تاريخها مثلما يتوقع الخبراء والمحللون، ومايزال الدعم الإعلامي والجماهيري لأسود الرافدين لا يرتقي الى حجم المهمة الوطنية ولا لواجب اتحاد كرة القدم عبر مكتبه الإعلامي واللجان الساندة للمنتخب وكأننا نعيش وقتاً حرجاً نترقب فيه آخر أنفاس الأسود لنعلن مراسيم الحداد الوطني!
فُتور واضح في العلاقة بين أعضاء الاتحاد أنفسهم نتيجة مرافقة البعض للمنتخب في الدوحة وأبو ظبي والشارقة ودبي وتهميش آخرين في بغداد، وتضارب الأنباء بين اختيار المدرب السلوفيني ستريشكو كاتانيتش قائمة الـ23 لاعباً وبين إملاء الاسماء من قبل أشخاص لا علاقة لهم بالعمل الفني، حتى أسهم ذلك بتأجيج الجمهور مع تسرّب أنباء عن إقصاء لاعبين شباب نراهن على حيويتهم لتسريع إيقاع لعب المنتخب سرعان ما تم زجّهم أمام فلسطين، ولتستكمل الأجواء المشحونة في معسكر قطر بتعذّر الاتحاد عن تهيئة مباراة تجريبية ثالثة تنهي تحضير الأسود للبطولة بشكل أمثل بسبب قلة التخصيصات، فيما شنَّ عدد من الإعلاميين هجمات صريحة ضد رئيس الاتحاد يطالبونه بتأمين مبلغ التجريبية من نسبة "الهدية الرسمية" التي منحتها الهيئة العامة للرياضة السعودية لاتحادنا البالغة مليون دولار نظير مشاركتنا في البطولة الرباعية في تشرين الأول الماضي والمُودَعَة في أحد البنوك الوطنية.
أيّ تفاؤل نطمح، وأي ّأرضية يقف عليها اللاعبون قبيل بدء رحلة (الأسد الرابع) عطفاً على تسمية زميلنا رافق العقابي لفيلمه المُميّز عن مشاركتنا في بطولة آسيا الأخيرة عام 2015، طالما أن إرهاصات التعاقد مع المدرب الأجنبي وقلة مدة التحضير والتهميش الذي طال أبرز المحترفين (ياسر قاسم وجستن ميرام وكرار جاسم وسعد عبدالامير وبروا نوري وغيرهم) حتى أصيب المتابع بالدهشة وهو يتساءل بألم شديد: إذا كان هؤلاء هم أفضل اللاعبين وندير وجوهنا عنهم ونركنهم في بيوتهم وقت حاجة المنتخب الوطني لهم لمجابهة جبابرة آسيا في ملتقى كل أربع سنوات فأين نستدعهم ومتى نسعف حظوظنا بهم، في بطولة غرب آسيا أم دورة الخليج أم للترفيه ببطولات ودية تعارفية؟!
اليوم، أكثر من منتخب عربي رفع شعار لا بديل عن اللقب، حتى وإن كان من باب تدعيم المعنويات، فالجانب الإعلامي مؤثّر على صعيد بناء جدار حديدي من الثقة يصدّ كل ضربات الأزمات المفتعلة أثناء معسكر قطر أو البطولة نفسها، فإعلام اتحاد الكرة مشهود له بحسن التنظيم الداخلي للفعاليات المصاحبة لأنشطة الاتحاد ومؤتمراته وورش العمل، لكن ما يواجههُ المنتخب الوطني منذ أيام تجهيزه لمعسكر الدوحة وتواصله في مباراتيه الوديتين مع الصين وفلسطين لم يلقَ ردّة الفعل الرسمية من إعلام الاتحاد الذي تحفّظ كثيراً وعمل بسياسة التجاهل لاحتواء كل انفعالات النقد التي جَلدَتْ الملاك التدريبي وبعض اللاعبين وأعضاء الاتحاد أنفسهم، بينما لا مجال للسكوت في هذا التوقيت من أجل تضييق دائرة المهاجمين وإضعاف حججهم ببلاغة رسائل يومية تعزّز قوة الاستعداد لدى المنتخب وتهدّئ من قلق الملاك التدريبي بتصريحات ترفع من شأن الأسود وتبعث بإشارات تحذيرية للمنافسين.
الجانب الآخر غير المسيطر عليه ويتحمّل تبعاته بعض الزملاء من مقدمي البرامج الحوارية، هو السرد اللامسؤول لبعض الضيوف المحللين من لاعبي المنتخبات والأندية سابقاً بتخيّلات لا تستند لواقع المنتخب بشيء، محذّرين من ضعف هذا اللاعب وارتباك ذاك، وتأنيب المدرب ومساعده لعدم الاستعانة بلاعبين آخرين، وهكذا يدورون في حلقة من التشاؤم متناسين خطورة جهاز التلفاز بتسمّر ألوف من المشجعين متبايني المستوى الثقافي حوله وغالبيتهم يسهمون في تأجيج مواقع التواصل الاجتماعي في أسوأ فترة نتيجة تأثرهم بطروحات البرامج، ولا ندري لماذا يتزامن صراخ المحللين السلبيين وَوَلْولتهم عشية أي بطولة بينما لم نسمع لهم قبل ذلك أي نحنحة عند سؤالهم عن مصير الأسود؟!