ترجمة/ حامد أحمد
خلال وقوفه على ما تبقى من سطح منزله المحطم كان ، أحمد ، أحد سكنة مدينة الموصل القدماء يرتجف وهو يصف الغارة التي اصابت منزله متسببة بمقتل ثلاثة من أولاده وتدمير بيته.
كان أحد مسلحي داعش من المقاتلين الشيشان الأجانب يحتل بيته كمرصد عندما استهدفته العام الماضي طائرة للتحالف وتسببت الضربة الجوية بمقتله وقتل ثلاثة من أولاد أحمد الذين كانوا داخل البيت . والآن وبعد ان تحول بيته الى كومة من انقاض ، يقول أحمد إنه ليس له امكانية مالية لإعادة إعمار بيته لأجل أطفاله الاثنين الباقيين.
يقول الوالد أحمد " لم يأتِ لنا أحد بمساعدة بفلس ولا حتى بدينار واحد . لم يعطونا أي شيء لا الحكومة ولا المنظمات الدولية ولا أي شخص . لقد فقدت ثلاثة من اولادي هنا وبيتي تحطم ولم اتلقَ أي مساعدة."
أجزاء كثيرة من المناطق التي كان مرة يحتلها داعش قد تم اعادة بنائها وغالبا ما يكون ذلك عن طريق متمكنين او تجار محليين من الذين نجوا من المعارك . هناك تواجد ايضا لمنظمات دولية وحكومية ومجاميع اغاثة محلية ولكن استياء الناس يتزايد بسبب بطء اجراءاتهم في المساعدة.
مضى أكثر من عام منذ إعلان العراق النصر النهائي على تنظيم داعش ، ولكن بما أن الهجمات مستمرة يقول الأهالي بان الاستقرار ما يزال حلم بعيد المنال لحين أكمال إعادة إعمار المدينة . أحياء بأكملها في الموصل ما تزال محطمة تعلوها الانقاض وما تزال هناك جثث مدفونة تحت أكوام خرائب المدينة القديمة في الموصل.
الأهالي الذين يعيشون الآن في البيوت المحطمة يحاولون إعادة إعمار بيوتهم بانفسهم قدر استطاعتهم ، حيث يشكون الأهمال والتجاهل لحالهم من قبل الحكومة.
منظمات الاغاثة يلقون باللائمة على الحكومة لبطء إجراءاتها في إعادة الاعمار . في حين تتبادل مؤسسات حكومية إلقاء اللوم على إحداها الاخرى ويقولون بان هناك حاجة لمساعدات خارجية اكثر.
وتساءل أحمد بقوله " لماذا لا يأتي أحد لمساعدتنا . لماذا هذا التجاهل ، أهالي البيوت المحطمة بحاجة لمساعدة ليستقروا من جديد ، الاهمال يؤدي الى نتائج عكسية ." قال أحمد وهو يجلس في أحد الغرف القليلة في منزله التي ما تزال لها جدران ، مشيراً الى أن أنابيب المياه وقوابس نقاط الكهرباء سرقت من منزله بعد الغارة الجوية.
في العام 2014 اجتاح تنظيم داعش أراضٍ واسعة من العراق بضمنها مدينة الموصل مع قرى وارياف في شمالي وغربي العراق ودام حكمه الهمجي العنيف ثلاث سنوات دمر خلالها الكثير من الأحياء السكنية مع تخريب البنى التحتية قبل أن يتم تحرير جميع الأراضي بعد تحشيد القوات العراقية صفوفها بدعم من قوات التحالف في تشرين الاول عام 2016 وشن هجوم واسع ضد مسلحي تنظيم داعش وطردهم.
لم يعد مسلحو التنظيم يسيطرون على أي قطعة أرض في العراق ولكن ما تزال تحدث هناك هجمات متقطعة بين الحين والآخر تعكر صفو الأجواء الامنية في المناطق المحررة ومناطق أخرى في البلاد . الشهر الماضي مر باص مدرسة يحمل أطفال فوق عبوة ناسفة جنوب الموصل تسببت بمقتل أربعة اطفال وجرح سبعة آخرين . وكذلك تسبب انفجار سيارة مفخخة بمقتل ثلاثة أشخاص عند مطعم في المدينة ، ويقول مسؤولون امنيون انهم ما يزالون يجرون مداهمات ودوريات يومية بحثا عن مسلحين مختبئين.
بعد مرور عام ونصف تقريباً على طرد داعش من الموصل ، يقدر عمال إغاثة استمرار بقاء 1500 جثة لمدنيين ومسلحين مطمورة تحت انقاض البنايات المهدمة . وما يزال هناك ما يقارب من مليوني شخص مهجر اغلبهم غير قادرين للعودة الى بيوتهم المحطمة.
كما هو الحال مع بقية أصحاب المحال والاعمال التجارية توجه ، سرمد محفوظ ، الى إعادة فتح محله كسمسار لبيع العقارات في الموصل القديمة رغم أن جميع الابنية تبدو محطمة.
يقول محفوظ " الناس يحاولون بيع ممتلكاتهم هنا ولكن لا احد يشتري . بشكل عام الناس يشعرون بامان حيث تقوم القوات الامنية بالسيطرة على الوضع . ولكن ما يحتاج له السكان المحليون هو المساعدة لاعادة اعمار بيوتهم . بدون هذه المساعدات وعودة الاستقرار لن يكون هناك سلام وامان دائمين.
عندما بدأت عملية اعادة الاعمار في كثير من المناطق المحررة كان معدل الدمار فيها بشكل كامل بحيث ان عملية بناء احياء كاملة من جديد قد يكون اسهل من اعادة اعمار وترميم من الصفر.
بيوت ومستشفيات ومدارس وكل نوع اخر من البنى التحتية كان مدمر . وما بقي كان دائما ملغوم بمتفجرات وعبوات ناسفة.
البيوت المتضررة والمتصدعة ، غير المدمرة ، تكون مؤهلة لإعادة اعمارها عن طريق المؤسسات الخيرية ومنظمات الامم المتحدة التي لديها تسعة وكالات تعمل على اعادة الاعمار والمعالجة . اما الكهرباء وانابيب المياه فيتم إصلاحها وإعادة نصبها من قبل منظمات حكومية وغير حكومية.
استنادا الى مدير بلدية الموصل ، زهير محسن الاعرجي ، فان السلطات المحلية مسؤولة عن معظم ما يتعلق بالبنى التحتية . ولكنه يقول بان الاموال المخصصة لهذه المشاريع والتي من المفترض ان تاتي من الحكومة المركزية في بغداد فانه لم يتم اطلاق أي منها للعام 2018 والتي من المفترض ان تطلق منذ تشرين الثاني الماضي.
ومضى الاعرجي بقوله " لقد ارسلنا المتطلبات المالية بالنسبة للمحافظة الى الحكومة المركزية فيما يتعلق بالكهرباء والماء وخطوط المجاري وخدمات أخرى ولكننا لم نتلقَ أي من هذه التمويلات.
وقال مدير البلدية إنه تمّ الاستعانة بمقاولين محليين في المدينة هذا العام متوقعين الدفع بالآجل ولم يبقى للبلدية شيء من الأموال سوى أن تخصص بغداد الأموال الكافية لإعادة الإعمار.
محمد ديلان ، مسؤول منظمة خيرية للاغاثة والتنمية ، ساعد في إعادة إعمار عدد من البيوت في الموصل القديمة يقول إن الجهود المشتركة بين المنظمات والأهالي غير كافية تقريباً لإنهاء معاناة الناس في المناطق المدمرة.
مضيفا بقوله " هناك ناس بدأوا يرجعون ولكن هناك أحياء في الموصل القديمة مدمرة تماماً . ليس في الموصل فقط بل في جميع المناطق والمدن التي كانت تحت سيطرة داعش في البلد . جميعها تعاني الاهمال."
عن: موقع (VOA) الاميركي