TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: ضجّة الوزيرة في غير محلّها..!

شناشيل: ضجّة الوزيرة في غير محلّها..!

نشر في: 30 ديسمبر, 2018: 07:39 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

حقاً وفعلاً، " غريب أمور عجيب قضية" في هذا البلد الذي اسمه العراق، أن تحدث مثل هذه الضجّة الصاخبة لأنّ المرشّحة الى وزارة التربية في الحكومة الجديدة، وهي التي عمل رئيس مجلس النواب على تمريرها ومنحها المنصب الوزاري بقرار شخصي منه غير دستوري، يتبيّن الآن أنّها من عائلة إرهابية من الطراز الأول! ...
نعم، هنا موضع العجب من هذه الضجّة.
لا ينبغي أن يُؤخذ أحد بجريرة أحد حتى لو كان أخاً أو أباً أو ابناً أو زوجاً.. هذا مبدأ صحيح وسليم، والسيدة المرشّحة للمنصب لايتوجّب تحميلها أيّ ذنب أو مسؤولية عن أنّ لها أخاً وابني أخ إرهابيينَ، عملوا مع "القاعدة" ثم مع "داعش" في الموصل ومات بعضهم دفاعاً عن التنظيم الإرهابي ودولته في الحرب مع القوات المسلحة الوطنية.
العجب في هذه الضجّة أنها تبدو كما لو أنّ حالة الوزيرة المرشّحة فريدة من نوعها ولا نظير لها من قبل في هذي البلاد!
تعالوا نفرش على الأرض قائمة الكبار والمتوسطين من مسؤولي الدولة، بأجهزتها المختلفة المدنية والعسكرية والأمنية، خصوصاً منذ 2006 حتى الآن، ولنحصِ بالأصابع (لا تكفي في الواقع) والكومبيوتر كم عدد الحالات التي تماثل حالة هذه السيدة ... خمسة؟ عشرة؟ مئة؟ ... كل هذا لا يكفي أبداً .. الحالات بالمئات، بل الآلاف: وزراء ، نواب، وكلاء وزارات، رؤساء مؤسسات عامة، رؤساء وأعضاء هيئات "مستقلة"، مستشارون بدرجة الوزير، محافظون ، رؤساء وأعضاء مجالس محافظات، ضباط من أعلى المراتب، سفراء، قناصل، مدراء عامون .. وسواهم.
هي سُنّة سنّها رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، في حكومته الأولى، بذريعة المصالحة الوطنية، وتمسّك بها في الحكومة الثانية وأراد ترسيخها في الولاية الثالثة التي لم تحصل، بل هو يتشبّث بها حتى اليوم، لكنْ على قاعدة المعايير المزدوجة. ..أعني إدخال إرهابيين وقتلة وجلاوزة من فلول النظام السابق، فضلاً عن فاسدين، في الحكومة ومؤسسات الدولة ، وفي البرلمان أيضاً بعد أن استثنى العديد منهم من إجراءات المساءلة والعدالة،والنزاهة كذلك، وحال دون أن تأخذ العدالة مجراها في حقّ آخرين.هذه السُنّة شملت أيضاً تعيين واستمرار تعييين هؤلاء في مناصب عليا بالوكالة، رافضاً إزاحتهم لصالح بدلاء عنهم من الوطنيين الأشراف والنزيهين، لأن هؤلاء لا يلزمونه والذين حوله مثلما يلزمه المتّهمون بالإرهاب والفساد وفلول النظام السابق.
الحقّ أن السيد المالكي لم يكن الوحيد وليس هو الوحيد حتى الآن .. الآخرون من رؤساء وقادة الكتل والائتلافات والتيارات والأحزاب المتنفذّة كلّهم، من دون استثناء تقريباً، حذوا حذوه وسعوا لمنافسته في ذلك كسباً للحلفاء والمرتزقة منفّذي التسويات السياسية والصفقات المالية وسواها، والحكومة الجديدة أيضاً فيها من هذا النموذج أكثر من واحد. أجهزة الدولة مُتخمة الآن بهم... هم في الواقع من يُديرها من الباطن "الدولة العميقة"، وهذا من أكبر أسباب الخراب العام التام الشامل المتواصل والمتفاقم على مدى السنين المنصرمة الذي سيتواصل ويتفاقم على فترة زمنية مماثلة مقبلة، بل ربما أطول!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram