اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: مناطحة الثيران الوحشيّة

شناشيل: مناطحة الثيران الوحشيّة

نشر في: 2 يناير, 2019: 07:53 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

هل يجب أن نفرح بإعادة تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، أو أقله أن نهتمّ كثيراً بالخطوة المُعلن عن أنها تهدف الى مواجهة المعضلة الأكبر والأخطر في حياتنا السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية على وفق ما قاله رئيس المجلس، رئيس الوزراء، في اجتماع إعادة التشكيل بأن الهدف "تمكينه (المجلس) من اتّخاذ الإجراءات الرادعة وتوحيد جهود الجهات الرقابية في سياق عمل جديد قادر على التصدي لأية جهة أو شخص مهما كان موقعه، وأن نتصرف كدولة في كشف الفساد وحماية المجتمع والمواطنين والمال العام على حدّ سواء"؟
تجربة الماضي لا تشجّع على الفرح ولا تدفع الى الاهتمام على مدى الخمس عشرة سنة الماضية،إذ كلّ لجنة أو مجلس من هذا النوع سرعان ما يتحوّل إلى عالة على نفسه وعلى الدولة والمجتمع، فدائماً ليس غير الجعجعة، أما الطحن فلا يرى أحد منه شيئا.
لدينا هيئات مكلّفة مكافحة الفساد الإداري والمالي بعدد كبير، لكنْ عاماً بعد عام يتفاقم الفساد ويتفشّى نطاقه ويتقوّى على الدولة والمجتمع، حتى ليبدو أنّ الفساد قدَرُ العراق والعراقيين الأبدي الذي لا فكاك منه البتّة... كلّ الحكومات السابقة تعهّدت بما تعهّدت به الآن حكومة عبد المهدي على هذا الصعيد، والنتيجة لا شيء ذا قيمة. إجراءات المكافحة ظلّت قاصرة على "الخُردة" من القضايا ومتعاملة مع أصغر صغار الفاسدين والمفسدين.
لو توافرت الإرادة الحقيقية لمكافحة الفساد لكانت هيئة النزاهة وحدها كافية للنهوض بالمهمّة، لكنّ مشكلة الهيئة الكبرى أنها لم تكن حرّة أبداً لأنها، كما سائر الهيئات المسماة في الدستور "مستقلّة"، ليست مستقلّة في الواقع، ولم يُسمح لها (هيئة النزاهة بالذات) بأن تكون بالقوّة التي منحها إياها الدستور للنهوض بوظيفتها.. القوى المتنفّذة في الدولة، وهي القوى التي تنظّم وتدير عمليات الفساد الكبرى والصغرى، لم تكن تقبل بأن تتشكّل الهيئة من غير ممثلين لها فيها، ولم تكن ترضى بأن تجري إجراءات النزاهة على وفق ما رسمه الدستور والقانون، ببساطة لأن ذلك كان سيكشف عن أنّ كبار حراميّة البلد هم كبار القابضين على السلطة وحواشيهم.
مكافحة الفساد تتطلّب مقاربة مختلفة تماماً عن كل ما صار وجرى في الحقبة الماضية .. هذه المهمة لا يُمكن أن تنهض بها إلا حكومة قويّة، حازمة وحاسمة، منبثقة من الإرادة الشعبية الحرّة .. هذه مواصفات لا تتوافر في الحكومة العليلة الحالية التي لم تفلح حتى الآن في لمّ شملها، مثلما لم تتوافر في الحكومات السابقة التي كانت هي نفسها أدوات ووسائل لتفشّي هذه الظاهرة المُلقية بالعراق وشعبه في هوّة سحيقة.
إذا استطاع مجلس السيد عادل عبد المهدي أن يحقّق ربع مكافحة فساد في أربع سنوات سيكون قد أحدث اختراقاً عظيماً .. لكنْ...
مَنْ يُقنعنا بأن هذا أمر ممكن؟ ... ومَنْ يسمح لعبد المهدي ومجلسه أن يُناطحا ثيران الفساد الوحشية؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram