علي حسين
قبل أكثر من عشرة أعوام وقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دامع العينين وهو يلقي النظرة على جثمان الاديب الروسي ألكسندر سولجنيتسين، وقبل أشهر قليلات شاهدنا عبر الفضائيات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ومعه الحكومة الفرنسية بأكملها، وكذلك الرئيسين السابقين نيكولا ساركوزي وفرنسوا هولاند، على رأس عدد كبير من المشيعين الذين ساروا وراء جنازة المطرب الفرنسي شارل أزنافور.. ولأنني مواطن"غشيم"وعلى نياتي، كنت أتصور أن رئيس الجمهورية الذي قضى سنوات طويلة في بريطانيا والذي اصدر بيانا حول ضياع تلفون وزير الثقافة في قطر، سينشر تعزية لكاتب بحجم علي الشوك،، الذي غادرنا في بلاد الغربة يئنّ على بلاد تنكر أبناءها. لكن يبدو إنه ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فغاب علي الشوك أيضا عن اهتمامات رئيس الوزراء المشغول البال بكرسيّ فالح الفياض، أما رئيس البرلمان فلا أعتقد أنه سمع يوماً باسم علي الشوك، لأنّ بوصلته تتوقف عند"إبداعات"فجر السعيد!
يأخذنا علي الشوك في مذكراته التي صدرت قبل عام للغوص معه في مرحلة مهمة من تاريخنا السياسي والثقافي، بدأت في واحدة من أجمل مناطق بغداد"كرادة مريم"عام 1930، ومرت بمحطات كان فيها مصرّاً على أن يستبدل دراسة الهندسة المعمارية، بالرياضيات التي عشقها وغيّرت مصيره بالكامل ليتّجه إلى مهنة واحدة هي الكتابة :"في يوم من أيام 1947، اتخذتُ قراراً في أن أصبح كاتباً! أما الرياضيات التي كنتُ أدرسها، فستكون نزهتي في حياتي".
في"الكتابة والحياة"نحن أمام شخصية تشبه حكيماً قادماً من زمن مختلف، يخشى على بلاده التي غادرها مجبراً بعد تجربة مريرة مع السجن والتعذيب، ويخفي خشيته بنوبات من الحنين والأسى أحياناً، على زمن جعل من العراق مجرد ذكرى لحلم يريد له البعض أن يمرّ سريعاً.
كان علي الشوك مغرماً بما يقدمه للقراء، سواء في مجال العلوم، أو الرياضيات أو الموسيقى التي يعشقها حدّ الوله، أو الأدب ومغامرات كتابه الكبار.، يعتقد أن الفن والثقافة سيصنعان بلداً يكون ملكاً للجميع، و مجتمعاً آمناً لا تقيد حركته خطب وشعارات ثورية، ولا يحرس استقراره ساسة يتربصون به كل ليلة من على شاشات الفضائيات