سلام خياط
—بابا ،، بابا، بابا .
صراخ يائس يطلقه أحد صغاره ، وهو يتبث بثيابه كمن يريد نجدته .. وتمتد يده يريد بها إبعاد الصبي عن ايقاظه .. وتوقظه الحركة من النوم ،،، كان يحلم إذن ، يفتح عينيه ، فيجد نفسه في غرفة بفندق من فنادق القاهرة في مهمة رسمية ، تفصله عن أسرته آلاف الأميال
—اللهم إجعله خيراً .
وتنتهي مهمته في القاهرة ليعود الى بيته وأهله ببغداد .. لتبدأ الأحاديث متصلة:
— الصغير نجح بتفوق ، والصغيرة قلعت أول اسنانها اللبنية . والكبير كاد يغرق في النهر .وكأنما يستفزه الخبر …. كيف ؟؟
— نزل للماء وإبتعد عن الشاطئ.
ويكمل الصبي الحديث —
— ووجدتني استنجد بك واستغيث .. بابا ، بابا . فيهرع نحوي رجل له ملامحك . يغالب الموج كي يصل إلي ، حملني على ظهره ، سابحاً ، والقاني على الجرف .. وسط ضجيج سمعته ولم ار مطلقيه .. فلقد اٌغمي علي وقتذاك
— متى ؟؟ متى حدث ذلك ؟
إنه نفس اليوم . نفس الظهيرة التي راوده الحلم فيها .
بكى وهو يستعيد تفاصيل الواقعة من فم الصبي ..وألقى نظرة بعيدة صفع بها الذين نسوا في خضم تسلط الماديات شيئا إسمه ( الروح ).
****
صورة !
سلمني إياها بتحفظ واضح . — صور شخصية تقتضيها بعض المعاملات — تراجعت بفزع ظاهر وأنا اتطلع إليها ! في العينين حزن دفين سكبته نظرة خرسآء ، على الجبهة والخدين إنتشرت تجاعيد لا حصر لها ولا عد ، الغضون تحت العينين متضخمة ، الشفتين مزمومتين بإصرار كأنما تبوحان برفض عنيد : لا ،لا ،،لا .
الصورة أشبه بأزمة مرسومة بتقاطيع مريعة .
— انها فظيعة يا سيد ،،إنها بلا فن إطلاقا .
— تقصدين إنها بلا رتوش ! لا عليك ، سأخذ لك غيرها لو رغبت .
………إبتسمت وأنا أتسلم الصور الجديدة ، آنفرجت الشفتان كآنما تقولان : نعم ، نعم ، نعم ،إختفت التجاعيد والغضون ، باحت العينان بآبتسامة رضى، وإنتثر على الشعر بعض النور غطى على سيل الشيب ..سألني المصور — كيف وجدتها ..
اجبته ببعض الإمتنان — إنها جيدة .
قال ،، لكن الأولى عكست حقيقتك ،، وهذي أظهرت مقدار فني .
.. تسلمت الصور الجديدة برضى ولسان حالي يتمتم : لست وحدي من تفزعها الحقيقة ،، كل الناس يخافون مواجهة الحقيقة !!