TOP

جريدة المدى > سينما > دور الفيلم البولندي "عالمان" في فهم حاجات الصم والبكم

دور الفيلم البولندي "عالمان" في فهم حاجات الصم والبكم

نشر في: 23 يناير, 2019: 07:04 م

ضحى عبدالرؤوف المل

فيلم للمخرج "ماسيج أدامك" (Maciej Adamek)بعنوان "عالمان" (Dwa światy)
اظهر المخرج" ماسيج ادامك" (Maciej Adamek) متغيرات العصر الحديث ودور التقنيات التكنولوجية وتأثيرها على عالم الصم والبكم في فيلمه عالمان (Dwa światy)الذي يضع حقائق العوالم المختلفة وتحدياتها امام اعيننا، لندرك ان ما هو نعمة لفئة ما قد يكون نقمة لفئة اخرى، وما هو مجهول لفئة اجتماعية معلوم لفئة اخرى ايضا في"فيلم عالمان" الذي يفك الغموض عن عائلة من الصم والبكم لديهم ابنة تبلغ من العمر الثانية عشرة وهي تتكلم لغة الإشارة الخاصة بالأب والأم. إضافة الى إنها غير مصابة بالصم والبكم كما والديها، وهذا بدوره جعلها تتقن لغة الصم والبكم. فتترجم لغة الإشارة ببراعة لكنها بحاجة للكلام اليها صوتيا . كما إنها لا تستطيع أن تتخطى الكثير من المتاعب التي تصاب بها كضجيج خطواتهما في البيت واشارات المنبه الضوئي وتنظيف الصحون ، وعدم سماع مناداتها او التحدث عبر التلفون . الا ان عصر التقنية الحديثة ومتطلباته خفف من ذلك، اذ بدت لغة التخاطب عبر شبكات التواصل الاجتماعي هي من حلول العصر المُرضية التي ساعدت هذه الفئة من الناس اكثر من غيرها . فهل ينادي مخرج فيلم عالمان بإعادة النظر في حيوية ديناميكية العصر الحديث وتقنياته بالنسبة للصم والبكم ؟ ام انه فك شيفرة عائلة من ذوي الاحتياجات الخاصة لديها طفلة تعاني من صخب والديها في البيت ؟
فيلم يفتح أبواب المعرفة عن اجوبة كثيرة يطرحها الانسان العادي بشكل عام عن كيفية التعامل مع طفل طبيعي لوالدين من الصم والبكم ، وهذا بحد ذاته يفتح حلول الكثير من الاشكاليات أمام قدرة أصحاب الاحتياجات الخاصة الى بناء اسرة وفهم الصعوبات وتحليلها، واظهار الايجابيات ذات المتغيرات المفاهيمية المعتادة . لهذا فإن" ماسيج ادامك" استطاع كسر رتابة المفهوم السائد عن طفل لعائلة من الصم والبكم في العصر الحديث تحديداً، مما يجعل المشاهد شغوفاً في معرفة خبايا وتفاصيل حياة هذه الاسرة التي تعيد فهم أصحاب الاحتياجات الأخرى وقدرة الاخرين على التعامل معهم وفقا لمتطلباتهم وصعوباتهم في تحقيق العيش المتوازن مع الاخرين. فهل يمكن أن نتصور اننا نعيش في عوالم مختلفة عن بعضها البعض لكنها تتعايش تبعا للكينونة التي ولدت بها ؟
تشهد الافلام الوثائقية حالياً على العالم المتغيير بايجابياته وسلبياته، وعبر الجرأة في الطرح والمعالجة وتكوين رؤية حقيقية يعيشها الأشخاص غير القادرين على النطق. إلا أن عالمهم ليس بالصامت كلياً، لأن سمعهم مغلق وبالتالي هم لا يسمعون أصوات حركاتهم كالخطى والتنظيف والتلفزيون وهذا يسبب مشكلة لمن يعيشون معهم. إضافة إلى البصر الذي يشكل الفهم المباشر للغة الإشارة، فهل كنا نظن إن عالم الصم والبكم هو عالم هادىء جداً؟
أبعد من رؤية الفيلم الوثائقي عالمان وتفنياته من حيث المشهد والصورة والمحاكاة الموسيقية والصوت، والبناء الوثائقي القائم على تنوع المتغيرات الملتقطة كالمنبه الضوئي والتفاهم على الخروج من المنزل للمشاركة بألعاب جماعية كالتزلج أو نزهة بسيطة أو غداء الخ ، كان موضوع الفيلم قادراً على بناء التفاصيل اليومية لهذه الاسرة وخطواتها منذ الزواج فالانجاب ، فنمو البنت لورا بين والدين من الصم والبكم خلال مدة بلغت خمسين دقيقة كانت كافية لاضفاء الطابع المدهش او خلق دهشة من عالم كنا نظنه هادئا، فاثبت فيلم عالمان عكس ذلك. لأنه بحق عالمان مختلفان عالم الصوت وعالم الإشارات، وما يصاحبه من صخب ناتج عن فقدان السمع بالتالي مستخدماً أسلوب إظهار خصوصية هذه العائلة، وكيفية مواكبة رعاية الابنة. فالاهل هم المسؤولون عن أولادهم. إلا إننا هنا نجد أن لورا هي التي أصبحت مسؤولة عن والدين من ذوي الاحتياجات الخاصة. فهل من متاعب اصابتها وجعلتها تبكي وتشتكي ؟ وكيف يذلل الأهل صعوبات ذلك على ابنهما الطبيعي دون عزل خصوصيات تمت تجزأتها في الفيلم كاللحظات الحميمة للوالدين، والاصوات الناتجة عن ذلك، ومؤثراتها على طفل هذه العائلة او دليل حياتهم اليومي ان صح القول . فعلى من يقع الضرر الأهل أم الطفل وما هي صعوبات الفهم لعالمين مختلفين هما في بيت واحد وأسرة واحدة ؟
فيلم "عالمان " الوثائقي استطاع الدخول الى أعماق أسرة حقيقية لا تجعل المشاهد يشك للحظة إنه يرى فيلماً وثائقياً عادياً . إنما هو فيلم يسلط الضوء على المشاكل والحلول لأسرة فيها عالمين مختلفين أحدها يسمع ويتكلم والآخر لا يسمع ولا يتكلم وما يجمعهما لغة الإشارة بينما الآخر يحتاج لعالم الصوت أو عالم الكلام مع الآخرين وهذه الصفة غابت عن الأم والأب بل برز ضجيجهما في البيت الناتج عن فقدانهما السمع وبالتالي على لورا ابنة الثانية عشرة التأفلم في العيش مع اسرة انجبتها واستطاعت تقديم ما يمكن لها رغم انهما من ذوي الاحتياجات الخاصة التي تسبب للبعض عزلة بين جدران أربعة مما خلق رؤية مختلفة عن عالم الصم الديناميكي المدرك للفروقات والمنفتح على العالم الآخر وفي الوقت نفسه ينشأ ابن هذه العائلة كوسيط أو كجسر بين العالمين وببراعة وفهم لاهم المعضلات الناتجة عن ذلك . فهل استطاع المخرج "ماسيج ادامك" اظهار العلاقة بين الوالدين المصابين بالصم والبكم والطفل فقط أم إظهار علاقة الطفل بالوالدين بشكل عام؟
تم عرض الفيلم خلال ايام طرابلس الوثائقية في الرابطة الثقافية

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram