علاء المفرجي
اكثر من فيلم وثائقي تناول سيرة فنان الكوميديا العظيم شارلي شابلن، أفلام تناولت حياته التي عانى خلالها الكثير، وسيرته المهنية التي اكتنفتها الكثير من الصعوبات والمشاكل، وقد عاصر الانتقالة المهمة في طريق تطور السينما من الصمت الى الصوت، وهو الذي عرفت شهرته أيام صمت السينما، الذي قدمته كأعظم ممثل بانتوميم عرفته السينما في تاريخها.
وخلال مسيرة شابلن (1889-1977) التي ازدهرت بعديد من الأفلام، والتي أصبح قسم منها في عداد كلاسيكيات السينما، كانت هناك الكثير من المحطات المهمة التي صاغت عبقريته ومسيرته الابداعية على مدى ثمانية عقود.
أفلام وثائقية كثيرة رصدت حياته، وتنوعت بموضوعاتها وأساليبها، نذكر منها فيلم (أسطورة العصر)، و(العبقري الحزين)، و(ولادة متشرد) وغيرها التي تناولت جانباً من مسيرة هذا العبقري ... وآخر هذه الافلام الفيلم الذي اخرجه بيتر ميدلتون وجيمس سبيني، وعرض في مهرجان كان وهو عن السيرة الذاتية للممثل الراحل، وقد أعطى المخرجان فرصة للتجوّل بحياة شابلن الخاصة ومسيرته التمثيلية والإخراجية، وعن طفولته بنهاية العصر الفيكتوري في لندن، ورحلته إلى الأضواء والشهرة بهوليوود، وتمّ تقديم عدد من الصور والمشاهد السينمائية الخاصة بالنجم الراحل والتي ستعرض لأول مرة على شاشة السينما.
ويختلف الفيلم الوثائقي (شابلن في بالي) لمخرجه رافيل ملت عن غيره، إنه يرقى الى مستوى الاكتشاف، فمع أن هناك العديد من الأفلام، التي انتجت عن تشارلي شابلن وأثره الكبير، نستعيد هنا وقائع رحلة نادرة له قام بها شابلن الى اندونسيا في بداية ثلاثينيات القرن المنصرم، وكانت بمثابة استراحة له عن متاعبه في السينما، واذا به يكتشف مجتمع وثقافة، في احدى جزر اندونيسيا وهو ما لانعرفه عن شابلن، حيث يقدم الفيلم لقطات نادرة له مأخوذة بكاميرته المحمولة.
خطرت فكرة الرحلة وهو في زيارة لأخيه في إحدى المدن الفرنسية الساحرة، فيغادر الى اندونيسيا ومنها .. اقل من سنتين يقضيها شابلن في هذه الجزيرة، التي ستوحي له فيما بعد بأفكار أفلامه الكبيرة التي انتجت بعد الثلاثينيات، بل وفي فيلمه (زهرة بالي ) الذي يبدو في تأثره في هذه الجزيرة الساحرة.. ورغم أن رحلته هذه لم تأخذ إلا حيزاً صغيراً في سيرته الذاتية إلا أن أثرها كان كبيراً في حياته وأعماله، حيث كتب جزءاً من يومياته في هذه الجزيرة، ونصاً عن (بالي)، والتي بدت أوروبا وأميركا غير حقيقيتين بالنسبة لها... وقد ساعده في رحلته هذه (والي سبيس) الرسام والموسيقي الهولندي الذي كان يقيم في هذه الجزيرة، حتى أن شابلن قال في نصه:" اتمنى أن أوسس حياتي هناك كما فعل سبيس) .
أثارت هذه الرحلة فيما بعد الكثير من الأفكار لدى شابلن فقرر أن يعالج جنون الرأسمالية في فيلمه (الأزمنة الحديثة)، ويسخر من الأفلام الناطقة التي لاتمنح الممثل حرية التعبير.. كما أثرت به من خلال فيلمه (المتشرد الصغير) الذي تبدو بعض لقطاته مستفيدة من الاجواء التي عاشها في بالي والتي اصبحت إحدى تجاربه الكبيرة، رغم إنها لم يسلط عليها الضوء، وحتى في سيرته الذاتية لم تأخذ الاهتمام الذي يستحق.
ويحكي الفيلم أيضاً عن صور نادرة ظهرت في وقت لاحق من هذه الرحلة، لم تصورها كاميرا شابلن أو مرافقه الهولندي سبيس، بالرغم وجود هذين الكاميرتين فقط في رحلة شابلن ، وتظهر هذه الصور شابلن وهو يشارك سكان بالي طقوسهم الدينية والحياتية، وإداؤه لبعض الرقصات.. ولم تعرف مصدر هذه الصور حتى الآن.