علي حسين
ماذا فعلت مجالس المحافظات في الوطن؟ قبل أن نجيب على هذا السؤال الذي يحيّر ثلاثين مليون مواطن عراقي، اسمحوا لي أن أنقل لكم عبارة مثيرة و"عظيمة"قالها النائب"التكنوقراط"هيثم الجبوري وهو يردّ على سؤال لمقدّم أحد البرامج عدم تصويت مجلس النواب على الأسماء التي قدّمها عادل عبد المهدي لشغل وزارتي العدل والتربية.ولأنّ السيد هيثم الجبوري يرأس ائتلاف كفاءات، فلا بدّ أن يقدم لنا تصريحاً"كفوءاً"مثل كتلته، حيث أخبرنا بالسرّ وراء عدم التصويت قائلاً :"آخر جلسة بالفصل التشريعي مثل آخر درس بالمدرسة نصها تلكاها فالته"، مع مثل هذه التصريحات غير المسؤولة من حقّ العراقيين ألاّ يبالوا باجتماع برلمانهم الموقر، وألّا يقعوا في غرامه، والسبب لأن بضاعته قديمة وبالية، ولا تناسب مطالب الناس بالعدالة الاجتماعية وبالإصلاح السياسي، فهي بضاعة مزيفة لا يمكن لمواطن ذكي أن يقتنيها.
وبالعودة الى معركة كسر العظم التي تحدث في مجالس المحافظات، وكان أولها أنّ القوى السياسية اكتشفت ان العاصمة تحتاج إلى"دبل"محافظ"، ولا تنتهي طبعا بمحافظة واسط التي أصبح عدد محافظيها ثلاثة بالتمام والكمال، وكان أبرز مشهد للديمقراطية العراقية أن تخرج عشيرة المحافظ المقال محمد المياحي، وهي تندد وتتظاهر وتحذر من انتزاع كرسيّ المحافظ من ابنها البار.
قبل أكثر من نصف قرن رأى السياسي والحقوقي الراحل حسين جميل،، أن العراق بحاجة إلى مجلس للخبراء يراقب عمل المجالس المحلية، فقد رأى سياسيُّنا الكبير الذي عاش أكثر من تسعين عاما أن المجالس المحلية، لا يجب أن تكون لها صلة بالتشريعات وإصدار القوانين وإنما مهمتها خدمية، لأنّ الكثير من أعضائها يجهل أو يتجاهل مسؤوليته الحقيقية.
كان"خادمكم"قد صدّع رؤوسكم هذا المكان عن المسؤولين في الغرب وهم يقدّمون استقالاتهم لأنّ أمراً بسيطا حصل، فيما هذه البلاد لايراد لها أن تغادر الوجوه الكالحة التي وضعتها على قائمة البؤس العالمي.
كان الناس يتطلعون "لتشييع" الوجوه الكالحة لبعض أعضاء مجالس المحافظات إلى مثواها الأخير، وأن يهدي الله الكتل السياسية والحكومة المركزية إلى اختيار محافظين تتوافر فيهم صفات الشهامة والرجولة والسمعة الطيبة، محافظين يدافعون عن الناس وليس عن مصالحهم الخاصة، ويحتمون بالحصانة الوظيفية ضد الفساد،لا أن يستثمروها في الرقص مع الفساد، يلبس بعضهم عباءة الفضيلة ليداري الرذيلة، ولكنّ روائح فسادهم الكريهة ملأت أروقة مؤسسات الدولة، وتسربت منها إلى الشوارع والأقضية والنواحي والمدن، وتحوّل بعضهم إلى مصيبة وقعت على رؤوس الناس البسطاء، محافظين ورؤساء مجالس محافظات يحتمون بالمناصب والوجاهة الاجتماعية والسطوة.